بسم الله والحمد لله وصلوات الله على صفوة أولياء الله وسادة الموقنين بربوبية الله، المصطفى محمد رسول الله وآله كنوز رحمة الله وهداه.
- السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله.
- تحية من الله مباركة طيبة نهديها لكم أيها الأطائب في مطلع لقاء اليوم في رحاب هدى الثقلين الهادي إلى الحياة الطيبة في الدارين وسعادتهما.
- أيها الأفاضل، عرفنا من الآيات الخمس الأولى من سورة البقرة أن الإيقان بوجود الدار الآخرة وما فيها من المجازاة الإلهية على أعمال الإنسان في الحياة الدنيا هي من صفات المتقين الذين يكون لهم الفلاح والنجاح في الدارين.
- وهذا ما أكدته الآيات الأولى من سورة النمل والآيات الأولى من سورة لقمان، فما هي آثار اليقين بالدار الآخرة في إيصال المؤمن إلى الفلاح والحياة الطيبة؟
- هذا هو ما نتناوله في لقاء اليوم من هذا البرنامج فتابعونا مشكورين..
- نبدأ – أيها الأكارم – بالإستماع بخشوع وتدبر الى الآيات الأولى من سورة النمل المباركة حيث يقول عز من قائل:
" طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ{۱} هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{۲} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{۳}
- صدق الله العلي العظيم، وكما تلاحظون مستمعينا الأفاضل فإن المؤمنين الذين يتحلون بالصفات الكريمة المذكورة في هذه الآيات ومنها الإعتقاد اليقيني بالدار الآخرة، هؤلاء يجعل الله عزوجل قرآنه المبين هدى له يحفظ حركتهم على صراطه المستقيم الموصل الى كل فلاح.
- كما أن الله تبارك وتعالى يجعل قرآنه الكريم لهؤلاء الموقنين "بشرى" أي يبشرهم بثمار عملهم الصالح في الحياة الدنيا، فتطمئن نفوسهم إلى فضل الله عزوجل وتتخلى عن صفات النفس الأمارة بالسوء.
- وهذا يعني أن الإيمان اليقيني بالدار الآخرة يجعل المؤمن يسير على الصراط المستقيم بأمن وأمان وبنفس مطمئنة فتكون حركته التكاملية متعادلة تعطي ثمارها الطيبة في كل حين فيصير من أهل الفضائل، حسب وصف مولانا أميرالمؤمنين حيث يقول صلوات الله عليه في خطبته الشهيرة في وصف المتقين المروية في نهج البلاغة:
- فالمتقون فيها هم أهل الفضائل منطقهم الصواب وملبسهم الإقتصاد ومشيهم التواضع غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء.
- ثم قال صلوات الله عليه عن علامات يقين المتقين: ولو لا الأجل الذي كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً الى الثواب وخوفاً من العقاب عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة وأجسادهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة وأنفسهم عفيفة.
- مستمعينا الأكارم وهذه الهداية العلوية في وصف المتقين مقتبسة من مدينة علم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، فقد أشار الى هذه الصفات في جوابه عن أسئلة شمعون بن لاوي في الحديث الطويل الذي رواه الحسن بن علي الحراني في كتاب "تحف العقول".
- فقد قال – صلى الله عليه وآله - : (وأما علاقة الموقن فستة: أيقن أن الله حق فآمن به، وأيقن بأن الموت حق فحذره، وأيقن بأن البعث حق فخاف الفضيحة، وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق إليها، وأيقن بأن النار حق فظهر سعيه للنجاة منها، وأيقن بأن الحساب حق فحاسب نفسه).
- وهذه الهداية النبوية أكدها الوصي المرتضى عليه السلام في كثير من كلماته القصار لكي يحفظها المؤمنون ويستعينون بها لبلوغ أعلى مراتب الحياة الطيبة.
- نستنير ببعضها المروي في كتاب (غرر الحكم)، ومنها قوله عليه السلام:
- من أيقن بالآخرة لم يحرص على الدنيا ومن أيقن بالمعاد إستكثر الزاد.
- وقال عليه السلام: أيقن تفلح، فإن الدين شجرة أصلها اليقين، وثبات الدين بقوة اليقين.
- وقال صلوات الله عليه: عليكم بلزوم اليقين والتقوى فإنهما يبلغانكم جنة المأوى.
- وقال عليه السلام معاتباً من غرته الدنيا بغرورها: لو صح يقينك لما إستبدلت الفاني بالباقي ولا بعت السني بالدني.
- ويوصينا عليه السلام بطلب اليقين من الله عزوجل في أدعيتنا فيقول عليه السلام: (إذا أراد الله بعبد خيراً فقهه في الدين وألهمه اليقين).
- اللهم ألهمنا التقوى واليقين ببركة الصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
- اللهم آمين، وبهذا الدعاء الطيب نختم لقاء اليوم من برنامج من هدى الثقلين قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.
- شكراً لكم على طيب المتابعة ودمتم في أمان الله.