بسم الله وله خالص الحمد والشكر إذ أكرمنا بتعريفنا بأخلاقه الكريمة ودعانا للتخلق بها للفوز بسعادة الدارين، وأسنى وأكمل وأنمى صلواته وتحياته على مظهري أخلاقه الكريمة للعالمين المصطفى الأمين وآله المعصومين. سلام من الله عليكم أعزائنا المستمعين، طابت أوقاتكم بكل خير ها نحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة أخرى من هذا البرنامج نفتتحها باشارة الى خلق إلهي كريم هو تكريم الإنسان بما هو إنسان والتعامل بالمساواة مع الناس جميعا بملاحظة ذلك. أولى روايات هذا اللقاء تعرفنا بمصداق لتخلق أولياء الله عزوجل بهذا الخلق الكريم. فقد روى ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عن عبد الله بن الصلت عن رجل من أهل بلخ قال: كنت مع الرضا عليه السلام في سفرة إلى خراسان فدعا يوما بمائدة له فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلت فداك لو عزلت لهؤلاء مائدة؟ فقال: "مه إن الرب تبارك وتعالى واحد والأم واحدة والأب واحد والجزاء بالأعمال".
مصداق آخر للتخلق بهذا الخلق الإلهي السامي نختاره أيضا من سيرة مولانا الإمام الرضا سلام الله عليه وفيه يقترن تكريم الانسان وإحترامه بجميل الرفق به بعيدا عن القيم الجاهلية التي تصنف الناس على أساس معايير مادية بعيدة عن معايير التقوى والعمل الصالح. ففي كتاب الكافي روى الشيخ الكليني بسنده عن ياسر ونادر، خادمي الإمام الرضا عليه السلام قالا: قال لنا أبو الحسن صلوات الله عليه: "إن قمت على رؤوسكم وأنتم تأكلون، فلا تقوموا حتى تفرغوا، ولربما دعا بعضنا فيقال: هم يأكلون، فيقول: دعوهم حتى يفرغوا". وروى عن نادر الخادم قال: كان أبو الحسن عليه السلام إذ أكل احدنا لايستخدمه حتى يفرغ من طعامه. وروى نادر الخادم قال: كان ابو الحسن عليه السلام يضع جوزينجة (وهو نوع من الطعام) على الأخرى ويناولني.
أعزائنا المستمعين، ومن الأخلاق الإلهية خلق حب الصالحين وبغض أضدادهم، وقد ذكر القرآن الكريم في آيات كثيرة حب الله للصالحين بمختلف أقسامهم، لنلاحظ مصداق لتجلي هذه الخلق الإلهي فيما رواه الكليني عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: دخلت إلى أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه وبين يديه تمر برني وهو مجد في أكله يأكله فقال: يا سليمان أدن فكل، قال: فدنوت فأكلت معه وأنا أقول له: جعلت فداك إني أراك تأكل هذا التمر بشهوة، فقال: "نعم إني لأحبه". قال: قلت: ولم ذاك؟ قال: "لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان تمريا، وكان أمير المؤمنين عليه السلام تمريا، وكان الحسن عليه السلام تمريا، وكان أبو عبد الله الحسين عليه السلام تمريا، وكان سيد العابدين عليه السلام تمريا، وكان أبو جعفر الباقر عليه السلام تمريا، وكان أبو عبد الله الصادق عليه السلام تمريا، وكان أبي تمريا، وأنا تمري وشيعتنا يحبون التمر لأنهم خلقوا من طينتنا، وأعدائنا يا سليمان يحبون المسكر، لأنهم خلقوا من مارج من نار".
بقي أن نشير هنا الى أن ثمة آثار لخلق حب الصالحين تختص بالله عزوجل وبما يناسبه مثل رفع منازلهم في الجنان ونظائر ذلك. أما في المؤمن المتخلق بهذا الخلق الإلهي فآثاره فيه تناسب حالته البشرية مثل التأسي بهم في فعالهم ونظائر ذلك. وهذه قاعدة عامة تشمل التخلق بسائر الأخلاق الإلهية. وبهذه الملاحظة نختم مستمعينا الأكارم هذا اللقاء من برنامج (من أخلاق الله)، إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، نشكر لكم طيب المتابعة ودمتم في رعاية الله عزوجل.