بسم الله وله الحمد والمجد الغني المغني لخلائقه من فضله أرحم الراحمين وأزكى الصلوات الناميات على رحمته العظمى للعالمين محمد وآله الطيبين. السلام عليكم اعزائنا المستمعين، الله تبارك وتعالى هو الغني المطلق عن خلقه، والساعي للتخلق بأخلاقه عزوجل لايغفل عن التخلق بخلق الإستغناء بالله عزوجل عن خلقه فيما إستطاع الإستغناء به عنهم. وها نحن نفتتح حلقة اليوم من برنامجكم هذا برواية بليغة تعرفنا بمصداق التخلق بهذا الخلق الحميد. فقد روى الشيخ المفيد رضوان الله عليه في كتاب الإرشاد بسنده عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إن محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أن مثل علي بن الحسين يدع خلفا لفضل علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمد بن علي، فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له أصحابه: بأي شئ وعظك؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيت محمد بن علي وكان رجلا بدينا وهو متك على غلامين له أسودين أو موليين، فقلت في نفسي شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا، أشهد لأعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فسلم علي وقد تصبب عرقا، فقلت أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا، لو جائك الموت وأنت على هذه الحال؟! فخلى عن الغلامين من يده، ثم تساند وقال: لو جائني والله الموت وأنا في هذه الحال جائني وأنا في طاعة من طاعات الله تعالى أكف بها نفسي عنك وعن الناس، وإنما كنت أخاف الموت لو جائني وأنا على معصية من معاصي الله، فقلت: يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني.
أعزائنا المستمعين ومن خلق الإستغناء ننقلكم الى خلق إلهي آخر هو الرفق بمن بدرت عنه سيئة عن جهل وليس عن عمد، وهذا من أخلاق الله عزوجل الكريمة التي تجلت في أوليائه عليهم السلام، لنتدبر معا فيما رواه الحافظ السروي الحلبي المازندراني في كتاب المناقب ضمن ذكره لفضائل إمامنا الصادق عليه السلام قال الراوي: نام رجل من الحاج في المدينة، فتوهم أن هميانه سرق، فخرج فرأى الإمام جعفر الصادق عليه السلام مصليا ولم يعرفه، فتعلق به وقال له: أنت أخذت همياني! قال: ما كان فيه؟ قال: ألف دينار. قال الراوي فأخذ الإمام عليه السلام الرجل إلى داره ووزن له ألف دينار وأعطاها له، فلما عاد الرجل إلى منزله وجد هميانه، فعاد إلى الإمام جعفر الصادق عليه السلام معتذرا بالمال، فأبى عليه السلام قبول المال وقال: "شئ خرج من يدي لا يعود إلي". قال الراوي: فسأل الرجل عنه فقيل هذا جعفر الصادق، قال لا جرم هذه فعال مثله!.
وأخيرا ننقل لكم مستمعينا الأفاضل رواية عن تخلق أولياء الله المقربين بخلق قول كلمة الحق وهو من أبرز الأخلاق الإلهية، قال الحافظ الحلبي في كتاب المناقب: روي في كتاب أخبار الخلفاء أن هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر: خذ فدكا حتى أردها إليك، فيأبى حتى ألح عليه فقال عليه السلام: "لا آخذها إلا بحدودها"، قال وما حدودها؟ قال (إن حددتها لم تردها"، قال: بحق جدك إلا فعلت؟ قال: "أما الحد الأول فعدن"، فتغير وجه الرشيد وقال: أيها، قال:"والحد الثاني سمرقند"، فأربد وجهه، قال: "والحد الثالث إفريقية"، فاسود وجهه، وقال: هيه، قال: "والرابع سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينية"، قال الرشيد: فلم يبق لنا شئ، فتحول إلى مجلسي، قال موسى: "قد أعلمتك أنني إن حددتها لم تردها"، فعند ذلك عزم الطاغية العباسي على قتل الإمام موسى الكاظم فرحل عليه السلام الى ربه شهيد قول كلمة الحق.
وها نحن نصل بكم اعزائنا مستمعي إذاعة طهران الى ختام حلقة إخرى من برنامج (من أخلاق الله)، شكرا لكم ودمتم بكل خير.