بسم الله وله الحمد إذ رزقنا مودة وولاية أحب خلقه إليه وقادة عباده الى رضوانه الهادي المختار وآله الأطهار. السلام عليكم أعزائنا وأهلا بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نعطر فيه أرواحنا وقلوبنا بأريج الأخلاق الإلهية الكريمة، وتجلياتها في سيرة أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين. مستمعينا الأكارم، ننقل لكم في هذا اللقاء روايتين تعيننا الثانية على التخلق بخلق الحلم الإلهي، أما الأولى ففيها إشارة الى خلق إلهي نبهت له النصوص الشريفة الا وهو خلق تأييد المؤمنين بروح منه، كونوا معنا.
لاحظوا أعزائنا خلق الدعم الروحي للمؤمنين والمظلومين في الحادثة التالية التي رواها الشيخ الطوسي في كتاب الأمالي مسندا عن كافور خادم الإمام الهادي عليه السلام، قال: كان يونس النقاش يغشى سيدنا الإمام عليه السلام ويخدمه. فجاءه يوما يرعد فقال: يا سيدي أوصيك بأهلي خيرا، قال: وما الخبر؟ قال: عزمت على الرحيل، قال الامام الهادي: ولم يا يونس؟ سأله وهو عليه السلام مبتسم، قال: قال: موسى ابن بغا وجه إلي بفص ليس له قيمة، أقبلت أن أنقشه فكسرته بأثنين وموعده غدا وهو موسى بن بغا، إما ألف سوط أو القتل، قال الامام الهادي عليه السلام: امض إلى منزلك إلى غد فما يكون إلا خيرا. فلما كان من الغد وافى بكرة يرعد فقال: قد جاء الرسول يلتمس الفص، قال عليه السلام: امض إليه فما ترى إلا خيرا، قال: وما أقول له يا سيدي؟ قال فتبسم، وقال: امض إليه واسمع ما يخبرك به، فلن يكون إلا خيرا. قال: فمضى وعاد يضحك قال: قال لي يا سيدي: الجواري اختصمن فيمكنك أن تجعله فصين حتى نغنيك؟ فقال سيدنا الإمام عليه السلام: "اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن يحمدك حقا فأيش قلت له؟" قال: قلت له: أمهلني حتى أتأمل أمره كيف أعمله؟ فقال: "أصبت".
أيها الاخوة والأخوات، والحلم هو من الأخلاق الإلهية السامية التي يعين التخلق بها المؤمن على التحرر من أسر الغضب للنفس أو الحقد ونظائره ويرتقي بذلك الى أعلى مراتب السمو النفسي والروحي. لنتدبر معا أيها الأعزاء في الرواية التالية التي رواها الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد وجاء فيها: وقف على علي بن الحسين (عليهما السلام) رجل من أهل بيته فأسمعه وشتمه فلم يكلمه، فلما انصرف قال لجلسائه: "قد سمعتم ما قال هذا الرجل وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا مني ردي عليه"، قال: فقالوا له: نفعل ولقد كنا نحب أن تقول له ونقول، قال: فأخذ نعليه ومشى وهو يقول: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" فعلمنا أنه لا يقول له شيئا. قال: فخرج حتى أتى منزل الرجل فصرخ به، فقال: قولوا له هذا علي بن الحسين، قال: فخرج إلينا متوثبا للشر وهو لا يشك أنه إنما جائه مكافيا له على بعض ما كان منه. فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): "يا أخي إنك كنت قد وقفت علي آنفاً قلت وقلت، فإن كنت قد قلت ما فيّ فأنا أستغفر الله منه وإن كنت قلت ما ليس فيّ فغفر الله لك". قال: فقبل الرجل بين عينيه وقال: بلى قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به.
تقبل الله منكم أعزائنا مستمعي إذاعة طهران جميل الإصغاء لهذه الحلقة من برنامج (من أخلاق الله)، كونوا معنا في الحلقة المقبلة بأذن الله، فالى ذلك الحين نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم.