بسم الله والحمد لله وأزكى صلواته وتحياته على صفوته من العالمين محمد وآله الطاهرين. السلام عليكم أعزائنا المستمعين، من أخلاق الله عزوجل، قول الحق والجهر به حيثما اقتضت الحكمة، وعدم الإستحياء من قوله مهما كانت طبيعة المواجهين له. وفي القرآن الكريم كثير من الآيات الكريمة الدالة على هذا الخلق الإلهي السامي، وقد خصصنا لقاء اليوم لنقل روايتين في تجلي هذا الخلق الإلهي في السبط المحمدي الأكبر الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وقوله كلمة الحق في وجه أعتى طغاة بني أمية. الرواية الأولى نقلها الشيخ الجليل الطبرسي في كتاب الإحتجاج قال: روي أن عمرو بن العاص قال لمعاوية: ابعث إلى الحسن بن علي فمره أن يصعد المنبر ويخطب الناس، فلعله أن يحصر فيكون ذلك مما نعيره به في كل محفل، فبعث إليه معاوية فأصعده المنبر، وقد جمع له الناس، ورؤساء أهل الشام فحمد الله الحسن صلوات الله عليه وأثنى عليه، ثم قال: "أيها الناس من عرفني فأنا الذي يعرف، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، ابن عم نبي الله، أول المسلمين إسلاما، وأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وجدي محمد بن عبد الله نبي الرحمة، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والناس أجمعين"، فقطع عليه معاوية فقال، يا أبا محمد خلنا من هذا وحدثنا في نعت الرطب أراد بذلك تخجيله. فقال الحسن عليه السلام: "نعم التمر، الريح تنفخه والحر ينضجه، والليل يبرده ويطيبه". ثم أقبل الحسن عليه السلام فرجع في كلامه الأول فقال: "أنا ابن مستجاب الدعوة أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من ينفض عن رأسه التراب، أنا ابن من يقرع باب الجنة فيفتح له فيدخلها، أنا ابن من قاتل معه الملائكة، وأحل له المغنم ونصر بالرعب من مسيرة شهر فأكثر". ولم يزل به حتى اظلمت الدنيا على معاوية، وعرف الحسن من لم يكن عرفه من أهل الشام وغيرهم. وقال الراوي في تتمة هذه الرواية: ثم نزل الحسن عليه السلام، فقال له معاوية: أما إنك يا حسن قد كنت ترجو أن تكون خليفة، ولست هناك، فقال الحسن عليه السلام: "أما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وعمل بطاعة الله عزوجل، وليس الخليفة من سار بالجور، وعطل السنن، واتخذ الدنيا أما وأبا، وعباد الله خولا، وماله دولا، ولكن ذلك أمر ملك أصاب ملكا فتمتع منه قليلا، وكان قد انقطع عنه، فأتخم لذته وبقيت عليه تبعته"، وكان كما قال الله تبارك وتعالى: "وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ"، "أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ"، وأومأ بيده إلى معاوية، ثم قام فانصرف. فقال معاوية لعمرو: والله ما أردت إلا شيني حين أمرتني بما أمرتني، والله ما كان يرى أهل الشام أن أحدا مثلي في حسب ولا غيره، حتى قال الحسن عليه السلام ما قال، قال عمرو: وهذا شيء لا يستطاع دفنه، ولا تغييره، لشهرته في الناس، واتضاحه فسكت معاوية. مستمعينا الأكارم وفي كتاب شرح نهج البلاغة نقل ابن أبي الحديد عن أبي الفرج الإصفهاني قال: خطب معاوية بالكوفة حين دخلها، فذكر عليا عليه السلام، فنال منه، ثم نال من الحسن عليه السلام، فقام الحسين ليرد عليه، فأخذه الحسن بيده فأجلسه، ثم قام فقال: "أيها الذاكر عليا، أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدي رسول الله وجدك عتبة بن ربيعة، وجدتي خديجة وجدتك قتيلة، فلعن الله أخملنا ذكرا وألأمنا حسبا، وشرنا قديما وحديثا، وأقدمنا كفرا ونفاقا". فقال طوائف من أهل المسجد: آمين. قال الفضل (من رواة الحديث): قال يحيى بن معين وأنا أقول آمين. قال أبو الفرج قال أبو عبيد قال الفضل وأنا أقول آمين، ويقول علي بن الحسين الإصفهاني آمين، قلت أي ابن ابي الحديد: ويقول عبد الحميد بن أبي الحديد مصنف هذا الكتاب آمين، ونحن أيضا نقول آمين آمين، وبهذا نختم لقاء اليوم من برنامج من أخلاق الله استمعتم له من إذاعة طهران، شكرا لكم ودمتم في رعاية الله.