بسم الله وله جميل الحمد وخالص الثناء أن أكرمنا بأن دعانا للتخلق بأخلاقه السامية التي جلاها بفضله العميم في سادة أوليائه المقربين محمد وآله الطاهرين صلواته وتحياته عليهم أجمعين. السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء، من أخلاق الله عزوجل التي ورد ذكرها والتبشير بها في القرآن الكريم، هوأنه جلت نعماؤه يزيد عطاءه ونعمه على الشاكرين لها. ولهذا الخلق عظيم الأثر في تقوية روح إحترام النعمة وتكريمها وتقدير قيمتها لدى الإنسان، وبالتالي تقدير إحسان وفضل الآخرين عليه. مستمعينا الأكارم، وبعد الإشارة المتقدمة ندعوكم للتدبر في الحادثة التالية من سيرة مولانا الإمام جعفر الصادق عليه السلام، روى ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عن مسمع بن عبد الملك قال: كنا عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام بمنى، وبين أيدينا عنب نأكله، فجاء سائل فسأله بعنقود فأعطاه، فقال السائل: لا حاجة لي في هذا، إن كان درهم (فهو أفضل)، فقال عليه السلام يوسع الله عليك، وأرجع عنقود العنب، فذهب السائل ثم رجع وقال: ردوا العنقود، فقال عليه السلام يوسع الله عليك، ولم يعطه شيئا، ثم جاء سائل آخر، فأخذ أبوعبد الله ثلاث حبات عنب فناولها إياه، فأخذها السائل من يده ثم قال: الحمد لله الذي رزقني، فقال أبوعبد الله عليه السلام: مكانك فحثا ملء كفيه عنبا فناولها إياه، فأخذها السائل من يده، ثم قال: الحمد لله رب العالمين الذي رزقني، فقال أبوعبد الله عليه السلام: مكانك يا غلام! أي شيء معك من الدراهم؟ فإذا معه نحو عشرين درهما فيما حرزناه (أي ادخرناه) أو نحوها فناولها إياه فأخذها. ثم قال: الحمد لله، هذا منك وحدك لا شريك لك. فقال أبوعبد الله عليه السلام مكانك، فخلع قميصا كان عليه فقال: البس هذا، فلبسه فقال: الحمد لله الذي كساني وسترني يا أبا عبد الله أو قال: جزاك الله خيرا، لم يدع لأبي عبد الله عليه السلام إلا بذا، ثم انصرف فذهب. قال الراوي: فظننا أنه لولم يدع له لم يزل يعطيه لأنه كلما كان يعطيه حمد الله فأعطاه. أيها الإخوة والأخوات، ومن الأخلاق الإلهية أنه عزوجل سريع الحساب يوفي الناس أجورهم فتبدأ تظهر عليهم بركات أعمالهم حتى قبل انتهائهم منها، وهذا فضلا عن الأجر الأخروي المدخر لهم. وهذا الخلق نجده في سيرة أوليائه المقربين سادة المتخلقين بأخلاقه عزوجل، فمثلا روى ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عن حنان عن شعيب قال: تكارينا (أي استأجرنا) لأبي عبد الله قوما يعملون في بستان له وكان أجلهم إلى العصر، فلما فرغوا قال عليه السلام لغلامه معتب: "أعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم". ونبقى مستمعينا الأفاضل في دوحة سيرة مولانا الإمام جعفر الصادق عليه السلام، لنشهد فيها خلقي الحلم والرأفة مجتمعين في موقف واحد، فقد روى في كتاب الكافي أيضا عن حفص بن أبي عايشة قال: بعث أبوعبد الله الصادق عليه السلام غلاما له في حاجة، فأبطأ فخرج أبوعبد الله عليه السلام على أثره لما أبطأ فوجده نائما فجلس عند رأسه يروحه حتى انتبه، فلما انتبه قال له أبوعبد الله عليه السلام: "يا فلان، والله ما ذلك لك. تنام الليل والنهار؟ لك الليل ولنا منك النهار". نشكر لكم مستمعينا الأفاضل جميل المتابعة لحلقة اليوم من برنامج (من أخلاق الله) الذي نقدمه لكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في إيران، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعاية الله.