السلام عليكم إخوة الإيمان، بتوفيق الله نلتقيكم في حلقةٍ أخرى من هذا البرنامج ومع خلق آخر من أخلاق الله عزوجل هو خلق إختبار الناس لتمييز الصادقين عن المدعين؛ وفي القرآن الكريم آيات عدة تشير وتتحدث عنه. ولهذا الخلق أثر مهم في تربية وتقوية روح المسؤولية والصدق لدى المتخلق به وجعله لا يتأثر بظواهر الأمور بل يتعمق في بواطنها درءً لأخطار المدعين. كما أنه له أثراً مهماً في ردع الأدعياء عن التوسل بالوسائل المنحرفة لتحقيق غاياتهم، وفي المقابل فإنه يقوي روح الصدق لدى الآخرين ويجنبهم إنحرافات المدعين. وقد إخترنا في هذا اللقاء مصداقين للتخلق بهذا الخلق من سيرة معلمي التخلق بأخلاق الله سادة أولياء الله عزوجل محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. تابعونا مشكورين. روى الحافظ الحنفي الشهير الموفق الخوارزمي في كتابه القيم مقتل الحسين عليه السلام أن أعرابيا جاء إلى الحسين بن علي عليهما السلام فقال: يا ابن رسول الله قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائها، فقلت في نفسي: أسأل أكرم الناس، وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال الحسين: "يا أخا العرب أسألك عن ثلاث مسائل، فان أجبت عن واحدة اعطيتك ثلث المال، وان اجبت عن اثنتين اعطيتك ثلثي المال، وان اجبت عن الكل أعطيتك الكل". فقال الأعرابي: يا ابن رسول الله أمثلك يسأل من مثلي وأنت من أهل العلم والشرف؟ فقال الحسين عليه السلام: "بلى سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المعروف بقدر المعرفة"، فقال الأعرابي: سل عما بدا لك، فان أجبت وإلا تعلمت منك، ولا قوة إلا بالله. فقال الحسين عليه السلام: "أي الأعمال أفضل؟" فقال الأعرابي: الإيمان بالله، فقال الحسين عليه السلام: "فما النجاة من المهلكة؟" فقال الأعرابي: الثقة بالله، فقال الحسين عليه السلام: "فما يزين الرجل؟" فقال الأعرابي: علم معه حلم، فقال: "فإن أخطأه ذلك؟" فقال: مال معه مروءة، فقال: "فإن أخطأه ذلك؟" فقال: فقر معه صبر، فقال الحسين عليه السلام: "فان أخطأه ذلك؟" فقال الأعرابي: فصاعقة تنزل من السماء وتحرقه فإنه أهل لذلك. فضحك الحسين عليه السلام ورمى بصرة إليه فيها ألف دينار، وأعطاه خاتمه، وفيه فص قيمته مائتا درهم، وقال: "يا أعرابي أعط الذهب إلى غرمائك، واصرف الخاتم في نفقتك"، فأخذها الأعرابي وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالاته. مستمعينا الأكارم أما المصداق الثاني لخلق الإختبار لتمييز الصادقين من المدعين، فقد رواه الشيخ الصدوق في كتاب الخصال عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إن رجلا مر بعثمان بن عفان وهو قاعد على باب المسجد فسأله فأمر له بخمسة دراهم فقال له الرجل: أرشدني فقال له عثمان: دونك الفتية الذين ترى وأومأ بيده إلى ناحية من المسجد فيها الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر عليهم السلام. فمضى الرجل نحوهم حتى سلم عليهم وسألهم فقال له الحسن عليه السلام: "يا هذا إن المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث: دم مفجع، أو دين مقرح، أو فقر مدقع، ففي أيها تسأل؟" فقال: في وجه من هذه الثلاثة، فأمر له الحسن عليه السلام بخمسين دينارا وأمر له الحسين عليه السلام بتسعة وأربعين دينارا، وأمر له عبد الله بن جعفر بثمانية وأربعين دينارا. فانصرف الرجل فمر بعثمان فقال له: ما صنعت؟ فقال مررت بك فسألتك فأمرت لي بما أمرت، ولم تسألني فيما أسأل، وإن صاحب الوفرة لما سألته قال لي: يا هذا فيما تسأل، فإن المسألة لا تحل إلا في إحدى ثلاث فأخبرته بالوجه الذي أسأله من الثلاثة، فأعطاني خمسين دينارا وأعطاني الثاني تسعة وأربعين دينارا وأعطاني الثالث ثمانية وأربعين دينارا. فقال عثمان: ومن لك بمثل هؤلاء الفتية أولئك فطموا العلم فطما وحازوا الخير والحكمة. وفقنا الله وإياكم إخوة الولاء للتخلق بأخلاق محمد وآله الطاهرين عليهم السلام فهي أسمى مصاديق التخلق بأخلاق ربهم الجليل تبارك وتعالى. اللهم آمين، شكراً لكم على جميل المتابعة لحلقة اليوم من برنامج (من أخلاق الله)، إستمعتم لها من صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، دمتم في رعاية الله.