حضرات المستمعين الأكارم السلام عليكم واهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج مشاهير الفكر الأيراني منار للبشرية.
اعزاءنا، منذ الحلقة الماضية بدأنا الحديث بالفيلسوف الأيراني ابي نصر الفارابي الذي كان ولد في عام ۲٥۷ للهجرة والذي تنقل خلال سني حياته بين مدن عدة ومنها بغداد عاصمة الدولة العباسية طالباً للعلم واستاذاً.
وذكرنا ان الفارابي بعد رحلة الي حران عاد الي بغداد وصار استاذاً للفلسفة فيها. علي ان هذا الرجل انطلق في رحلته مع العلم نحو مدن وحواضر اخري في العالم الأسلامي فأين يا تري كانت وجهته من بعد العودة الي بغداد؟
نعم حضرات المستمعين يذكر المؤرخون ان الفارابي قدم دمشق في عام ۳۳۰ للهجرة او عام ۹٤۱ للميلاد.
وفي بلاد الشام صاحب الفارابي سيف الدولة الحمداني اميرالدولة الحمدانية وصار من رجال بلاطه.
وعاش الفارابي حتي وافته المنية في عام ۹٥۰ ميلادي وكان في الثمانين من عمره.
ويحكي لنا التاريخ ان الفارابي قتل ولم يمت موتة طبيعية ويقال انه كان في طريقه الي عسقلان من مدن جنوب فلسطين فهاجمه قطاع طرق وقتلوه بعد ان نهبوا متاعه ولما علم امراء الشام بذلك اقاموا له تشيعاً مهيباً ودفنوة علي مقربة من دمشق واقتصوا من قاتليه فوق قبره.
وفي رؤية المؤرخين فأن الفارابي كان رجلاً زاحداً ما كان يريد ان يصب من الدنيا شيئاً وانه امضي سني عمره في الدراسة والبحث والكتابة والتأليف.
وكان سيف الدولة الأمير الحمداني قد وضع مرتباً شهرياً كبيراً للفارابي بيد ان الفارابي عاش عيشه القناعة وما كان ينفق في اليوم سوي اربعة دراهم.
اعزاءنا المستمعين، لقد برع الفارابي في علوم عدة عقلية ونقلية دينية وطبيعية مثل الرياضيات والكيمياء والفلك والعلوم الحربية والموسيقي والطبيعيات والآلهيات والفقه والمنطق.
وترك الفارابي من ورائه تراثاً ثراً توزع في اروقة هذه العلوم والمعارف.
ان من ارخ للفلسفة الأسلامية يري ان اول فيلسوف اسلامي هو يعقوب ابن اسحق الكندي وقد سبق الفارابي من الناحية الزمنية. الا ان الكندي الذي فتح للفلسفة طريقاً لم يتمكن من تكوين مذهب ومشرب فلسفي. بينما الفارابي تمكن من ذلك.
والواقع ان الفارابي مشي في الطريق التي اختطها الكندي وحقق في ذلك الطريق انجازات رائعة.
اجل ايها الكرام في سماء العلم لمع نجم الفارابي وانطلقت شهرته العلمية نحو افاق الدنيا زماناً ومكاناً فالفيلسوف الأيراني الشهير ابن سينا او الشيخ الرئيس يعد الفارابي استاذاً له وابن رشد وسائر الفلاسفة يكنون كل الاحترام للفارابي.
وينقل عن ابن سينا الحكيم والطبيب الأيراني قوله لقد طالعت كتاب ما بعد الطبيعة لارسطو اربعين مرة ومع هذا لم اتمكن من الوقوف علي اغراض المؤلف حتي وجدت في سوق الكتب كتاباً في شرح كتاب ارسطو ذاك وكان الكتاب للفارابي ابتعته ورحت اسرح النظر في مضامينه والسرور يداخل نفسي لما ظفرت به.
جدير ان نذكر ان ارسطو اعطي لقب من نصيب فيلسوف مسلم ايراني انه نصر الفارابي.
علي مشارف تاريخ الفلسفة والثقافة الأسلامية وقف ابو نصر الفارابي كان زمن التجديد في الفلسفة والعلوم ومع هذا لا غرو ان لقب الفارابي بالمعلم الثاني.
وبعبارة اخري يمكن القول ان الفارابي مجدد حياة الفلسفة ومؤسس مباني الفلسفة الأسلامية وتواصل العطاء الفلسفي من بعد عصر الفارابي واخذت نظرياته القيمة في مباحث الفلسفة مكانة سامية علي ان اهم بحث فلسفي منذ عصر الفارابي او منذ القرن التاسع الميلادي حتي القرن التاسع عشر للميلاد وهو عصر الحكيم الملا هادي السبزواري كان موضوع [ خلق العالم].
ان ابانصر الفارابي تأثر خلال دراسته للفلسفة بالفلسفة اليونانية وافكار الفيلسوف اليوناني ارسطو تحديداً والفارابي طرح مفهوم المدينة الفاضلة.
وكتاب المدينة الفاضلة للفارابي يعرف هذه المدينة علي انها تعيش في افياء الشريعة الأسلامية وان قوانين الأسلام هي التي تؤطر حياة الحاكم والناس في المدينة الفاضلة
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا وصلنا الي نهاية حلقة اخري من برنامج/ مشاهير الفكر الأيراني منار للبشرية/ من اذاعة طهران صوت الجمهورية الأسلامية في ايران بيد ان حديثنا بالفيلسوف الأيراني المسلم ابي نصر الفارابي لم يصل بعد الي نهاية.
وسنطرق لهذا الحديث باباً اخراً في الحلقة القادمة.