حضرات المستمعين الأكارم، السلام عليكم واهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج مشاهير الفكر الأيراني منار للبشرية.
اعزاءنا، في هذا البرنامج تحدثنا باسهاب حول دور اللغة الفارسية في الترابط الثقافي بين امم وشعوب العالم ولقد اشرنا الي ان اللغة الفارسية وآدابها راجت في نقاط عديدة من آسيا مثل الصين والهند ومناطق آسيا الوسطي. حتي صارت هذه اللغة احدي اهم اللغات العالمية علي الصعيد العلمي والأكاديمي.
وتغلغلت اللغة الفارسية في المجتمع الهندي الي الحد الذي كان معه الشعراء الهنود ينظمون قصائدهم بالفارسية.
وفي العصر التيموري نسبة الي تيمور لنگ احد حكام المغول ظهر من الشعراء من كان ينظم قصائده باللغتين الفارسية والتركية مثل الشاعر [ امير علي شيد نوائي] الذي كان يسكن هرات التي هي اليوم من مدن افغانستان.
وبالنسبة الي آسيا الصغري التي هي اليوم فقد اصبحت في العصر السلجوقي احدي مراكز انتشار اللغة الفارسية في العالم.
ومن الجدير بالأشارة هنا ان سلاجقة الروم كسلاجقة ايران كانوا متأثرين بالثقافة الأيرانية واللغة الفارسية وان هذه اللغة التي عملوا علي اشاعتها كانت لغتهم الرسمية.
ومن الملفت القول هنا ان التاريخ لم يعثر حتي الآن علي اي وثيقة باللغة التركية تعود الي حكم السلاجقة سواء كانوا سلاجقة ايران ام سلاجقة الروم والمقصود هنا بالروم بلاد الروم الشرقية وما هذا الا دليل علي كون الفارسية هي اللغة الرسمية التي كانت معتمدة في دواوين سلاطين السلاجقة.
اعزاءنا، لقد اشتهر في عرصة الأدب الفارسي الشاعر والعارف جلال الدين المولوي المعروف بمولانا صاحب ديوان المثنوي المعنوي هذا الشاعر ولد في مدينة بلخ التي هي اليوم في افغانستان وسافر الي قونية وكانت عاصمة السلاجقة الروم. انه رأي هناك الناس وهم يتكلمون الفارسية وعاداتهم وتقايدهم ايرانية وثقافتهم هي الأخري كانت ايرانية.
وعلي ما يبدو فأن الشاعر جلال الدين المولوي لم يشعر بالغربة حينما كان في قونيا [ قونية] وكان ينشد شعره فيها بالفارسية ومستمعون كانوا يتكلمون الفارسية ايضاً.
ضروري ان نذكر ان قبر الشاعر جلال الدين المولوي شاعر العرفان يقع في مدينة قونية.
انتم وايانا في برنامج مشاهير الفكر الأيراني منار للبشرية الذي يأتيكم من اذاعة طهران- صوت الجمهورية الأسلامية في ايران.
اعزاءنا، ان الدولة العثمانية التي قامت في تركيا الحالية وكانت معاصرة للدولة الصفوية في ايران، كانت تأثرت باللغة الفارسية وادابها كثيراً.
ومن الباحثين من يري انها كانت اكثر تأثراً بهذه اللغة من الدولة الصفوية في ايران.
نحن نذكر هذه الرؤية دون التعليق عليها سلباً او ايجاباً ويذكر المؤرخون ان اكثر سلاطين آل عثمان كانوا ميالين الي اللغة الفارسية وآدابها. وانهم ككثير من الأيرانيين كانوا يتفألون بديوان الشاعر العارف شمس الدين حافظ الشيرازي ومزاره الي جانب مزار سعدي الشيرازي في شيراز مركز محافظة فارس حالياً.
ويحدثنا التاريخ ان سلاطين العثمانيين كانوا يرسلون الهدايا الي مزار حافظ الشيرازي في ايران بعد ما كانوا يتفئلون بديوانه.
واليكم هذه الحكاية التاريخية التي تعود الي عهد السلطان عبدالحميد الثاني. حيث قرر السلطان ذات يوم التوجه الي مسجد آيا صوفيا في الأستانة عاصمة الدولة العثمانية/ اسطنبول حالياً/ لاداء الصلاة وقبل ان يتوجه الي المسجد فتح ديوان الشاعر حافظ الشيرازي فخرج له بيت من الشعر ينهاه عن الذهاب الي المسجد. لم يغادر السلطان عبدالحميد قصره وارسل العربة السلطانية الي آيا صوفيا خالية وكان ان انفجرت هناك.
وفي اشارات تاريخية نقول ان السلطان عبدالحميد هو السطان قبل الآخر من سلاطين الدولة العثمانية حيث اعقبه السطان محمد رشاد وان السلطان عبدالحميد واجة معارضة في اواخر حكمه هذه المعارضة قادتها جمعية عرفت بأسم جمعية الأتحاد والترقي التي تمكنت كما هو ثابت تاريخياً من خلع السلطان عبدالحميد عن العرش.
وفي رأي بعض المؤرخين فأن السلطان عبدالحميد كان ضحية دسيسة دبرت له بعد ان رفض طلب يتودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية في الحصول علي فلسطين كوطن لليهود.
ومهما كان فأن الدولة العثمانية التي حكمت لقرون عدة وكانت امبراطورية مترامية الأطراف دب فيها الضعف حتي صارت في آخر سنيها تعرف بالرجل المريض في ميدان السياسة.
ودخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولي جانب المانيا بيد انها خرجت من الحرب امام بريطانيا وفرنسا خاسرة وهكذا اقتسم الحلفاء ارث الرجل المريض.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا انتهت حلقة اخري من سلسلة حلقات برنامج/ مشاهير الفكر الأيراني منار للبشرية.