إن مودة محمد وآله صلوات الله عليهم هي أهم الوسائل التي تعرج بالإنسان المؤمن الي منازل المقربين في حضرة الله رب العالمين وهذا ما تصرح به أعزاءنا كثير من الأحاديث الشريفة التي رواها الفريقين، فمثلاً قال جابر بن عبد الله الأنصاري: جاء اعرابي الي النبي (صلي الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، هل للجنة ثمن؟
قال: نعم.
قال: ما ثمنها؟
قال: لا اله الا الله، يقولها العبد مخلصا بها.
قال: وما أخلاصها؟
قال: العمل بما بعثت به في حقه، وحب أهل بيتي.
قال: وحب أهل بيتك لمن حقها؟
قال: أجل، إن حبهم لأعظم حقها.
وعن محمد بن إسماعيل الجعفي قال: دخلت أنا وعمي الحصين علي أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فأدناه وقال: ابن من هذا معك؟
قال: ابن أخي إسماعيل.
فقال: رحم الله إسماعيل وتجاوز عنه سئ عمله، كيف خلفتموه؟
قال: بخير ما آتاه الله لنا من مودتكم.
فقال: يا حصين، لا تستصغروا مودتنا، فإنها من الباقيات الصالحات.
قال: يا بن رسول الله، ما استصغرتها، ولكن أحمد الله عليها.
ننقل لكم في الفقرة الثانية من برنامجكم (مصابيح الهدي) الرواية التالية من سيرة مصابيح الهدي (عليهم السلام) تتضمن عدة عبر، فقد روي عن العبد الصالح محمد بن مسلم قال: خرجت الي المدينة وأنا وجع ثقيل فأرسل الي أبو جعفر الباقر (عليه السلام) بشراب مع الغلام مغطي بمنديل، فناولنيه الغلام وقال لي: إشربه فإنه (عليه السلام) قد أمرني أن لاارجع حتي تشربه، فتناولته فإذا رائحة المسك منه، وإذا شراب طيب الطعم بارد، فلما شربته قال لي الغلام: يقول لك إذا شربت فتعال.
ففكرت فيما قال لي ولا أقدر علي النهوض قبل ذلك علي رجلي، فلما استقر الشراب في جوفي كأنما نشطت من عقال، فأتيت بابه فاستأذنت عليه، فصاح بي: صح الجسم، ادخل ادخل.
فدخلت وأنا باك، فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه، فقال لي: ومايبكيك يا محمد؟
فقلت: جعلت فداك، أبكي علي اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة علي المقام عندك والنظر اليك.
فقال لي: أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا وجعل البلاء اليهم سريعا، وأما ما ذكرت من الغربة فلك بأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) بأرض ناء عنا بالفرات. وأما ماذكرت من بعد الشقة، فإن المؤمن في هذه الدار إلي رحمة الله، وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر الينا وأنك لا تقدر علي ذلك فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه.
وفي الفقرة الاخيرة نفتح قلوبنا لطائفة من وصايا أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، وهي بشأن الالتزام بالمقتضيات العملية لصدق المودة لهم صلوات الله عليهم أجمعين:
قال الإمام علي (عليه السلام): من أحبنا فليعمل بعملنا، وليتجلبب الورع.
وقال (عليه السلام): من أحبنا فليعمل بعملنا، وليستعن بالورع، فإنه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا والاخرة.
وعن الامام الصادق (عليه السلام) قال: خرجت أنا وأبي (عليه السلام) حتي إذا كنا بين القبر والمنبر [يعني قبر النبي الأكرم ومنبره (صلي الله عليه وآله)] إذا هو بأناس من الشيعة فسلم عليهم فردوا (عليه السلام)، ثم قال: إني والله لأحب رياحكم وأرواحكم، فأعينوني علي ذلك بورع واجتهاد، واعلموا ان ولايتنا لا تنال إلا بالورع والاجتهاد ومن ائتم منكم بعبد فليعمل بعمله.
وقال إمام زماننا بقية الله المهدي (عليه السلام) في رسالته الي الشيخ المفيد: فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبتنا، وليتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإن أمرنا بغتة فجأة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم علي حوبة.