السلام عليكم ورحمة الله، أسعد الله أوقاتكم تري ما هي العلاقة بين حب الله وذكره عزوجل وبين حب محمد وآله وذكرهم (صلوات الله عليهم) الإجابة عن هذا السؤال نجدها في الأحاديث التي إنتخبناها للفقرة الأولي من فقرات لقاء اليوم من برنامج مصابيح الهدي.
قال الإمام علي (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول: أنا سيد ولد آدم، وأنت يا علي والأئمة من بعدك سادة أمتي، من أحبنا فقد أحب الله، ومن أبغضنا فقد أبغض الله، ومن والانا فقد والي الله، ومن عادانا فقد عادي الله، ومن أطاعنا فقد أطاع الله، ومن عصانا فقد عصي الله.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): من عرف حقنا وأحبنا فقد أحب الله تبارك وتعالي.
وقال (عليه السلام): إن ذكرنا من ذكرالله، إنا إذا ذكرنا ذكرالله، وإذا ذكرعدونا ذكر الشيطان رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكراً أمرنا، فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما. وما اجتمع اثنان علي ذكرنا إلا باهي الله تعالي بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإن في اجتماعكم ومذاكراتكم إحياءنا. وخير الناس من بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلي ذكرنا.
وقال (عليه السلام): إن من الملائكة الذين في السماء ليطلعون علي الواحد والاثنين والثلاثة وهم يذكرون فضل آل محمد، فيقولون: أما ترون إلي هؤلاء في قلتهم وكثرة عدوهم يصفون فضل آل محمد (صلي الله عليه واله)؟!
فتقول الطائفة الأخري من الملائكة: «ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ».
لقد كان مولانا زين العابدين السجاد علي بن الحسين متأسياً ومقتدياً في عبادته بجده المصطفي (صلي الله عليه وآله)، فقد روي: أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما نظرت إلي ما يفعل ابن أخيها الإمام السجاد بنفسه من الدأب في العبادة أتت جابر بن عبد الله الأنصاري فقالت له: يا صاحب رسول الله، إن لنا عليكم حقوقاً، ومن حقنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهاداً أن تذكروه الله وتدعوه إلي البقيا علي نفسه، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين قد انخرم أنفه وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه دأبا منه لنفسه في العبادة.
فأتي جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين (عليهما السلام)، وبالباب أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر إليه مقبلاً فقال: هذه مشية رسول الله (صلي الله عليه واله) وسجيته، فمن أنت يا غلام؟
فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فبكي جابر بن عبد الله (رضي الله عنه)، ثم قال: أنت والله الباقر عن العلم حقاً، أدن مني بأبي أنت وأمي، فدنا منه فحل جابر إزاره ووضع يده في صدره فقبله وجعل عليه خده ووجهه وقال له: أقرؤك عن جدك رسول الله (صلي الله عليه وآله) السلام، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال لي: يوشك أن تعيش وتبقي حتي تلقي من ولدي من اسمه محمد يبقر العلم بقرا، وقال (صلي الله عليه وآله) لي: إنك تبقي حتي تعمي ثم يكشف لك عن بصرك.
ثم قال جابر لمولانا الباقر (عليه السلام): ائذن لي علي أبيك، فدخل أبو جعفر علي أبيه فأخبره الخبر لجابر فدخل عليه، فوجده في محرابه قد أنضته العبادة، فنهض علي (عليه السلام) فسأله عن حاله سؤالاً حفياً ثم أجلسه بجنبه، فأقبل جابرعليه يقول: يابن رسول الله، أما علمت أن الله تعالي إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم وخلق النارلمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟
قال له علي بن الحسين (عليهما السلام): يا صاحب رسول الله، أما علمت أن جدي رسول الله (صلي الله عليه وآله) قد غفرالله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلم يدع الاجتهاد له، وتعبد- بأبي هو وأمي- حتي انتفخ الساق وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفرلك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟!
فلما نظر جابر إلي علي بن الحسين (عليهما السلام) وليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد والتعب إلي القصد قال له: يابن رسول الله، البقيا علي نفسك، فإنك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء وتستكشف اللاواء وبهم تستمطر السماء.
فقال: يا جابر، لا أزال علي منهاج أبويّ مؤتسيا بهما صلوات الله عليهما حتي ألقاهما.
فأقبل جابر علي من حضر فقال لهم: والله، ما أري في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب (عليهما السلام). والله لذرية علي بن الحسين (عليهما السلام) أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب، إن منهم لمن يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
ومن درر الوصايا النبوية نقرأ لكم ما روي أن جماعة من المؤمنين دخلوا علي الإمام محمد الباقر (عليه السلام) وقالوا: يا بن رسول الله، إنا نريد العراق فأوصنا، فقال أبو جعفر(عليه السلام): ليقو شديدكم ضعيفكم، وليعد غنيكم علي فقيركم، ولا تبثوا سرنا ولا تذيعوا أمرنا، وإذا جاءكم عنا حديث فوجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به وإلا فقفوا عنده، ثم ردوه إلينا حتي يستبين لكم.