قد إخترنا لمطلعها حديثين شريفين في آثار محبة أولياء الله المقربين (عليهم السلام) وبالخصوص فيما يرتبط بتطهير القلوب والنجاة من شدائد القيامة الحديث الأول روته عدة من المصادر المعتبرة عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: لا يحبنا عبد ويتولانا حتي يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتي يسلم لنا ويكون سلما لنا، فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر.
والحديث الثاني مروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): أنه قال: لا يحبنا عبد إلا كان معنا يوم القيامة، فاستظل بظلنا ورافقنا في منازلنا. والله والله، لا يحبنا عبد حتي يطهر الله قلبه، ولا يطهر قلبه حتي يسلم لنا، وإذا سلم لنا سلمه الله من سوء الحساب يوم القيامة، وأمن من الفزع الأكبر.
ومن أحاديث أخلاقهم عليهم السلام التي أمرنا الله بالاقتداء بها ننقل لكم ما روي عن الإمام علي (عليه السلام) قال في صفة النبي (صلي الله عليه وآله) أنه: أجود الناس كفا، وأشرحهم صدرا، وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة. من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه.
وبهذا الحديث ننقلكم الي بضع روايات في تجلي الأخلاق المحمدية في مولانا الإمام علي الرضا (عليه السلام) خاصة فيما يرتبط بتواضعه للخلق ورأفته بضعاف الناس، والروايات منقوله عن عدد من الخدم والمرافقين الذين جعلهم المأمون العباسي في خدمة الإمام الرضا بعد قضية ولاية العهد؛ فقد قال أحدهم وهو ياسر الخادم: كان الرضا (عليه السلام) إذا كان خلا جمع حشمه عنده، الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم. وكان (عليه السلام) إذا جلس علي المائدة لا يدع صغيراً ولا كبيراً حتي السائس والحجام إلا أقعده معه علي مائدته وقال نادر الخادم: كان أبو الحسن (عليه السلام) إذا أكل أحدنا لا يستخدمه حتي يفرغ من طعامه وقال ياسر الخادم ونادر معاً:
قال لنا أبو الحسن (عليه السلام): إن قمت علي رؤوسكم وأنتم تأكلون فلا تقوموا حتي تفرغوا قالا: ولربما دعا بعضنا فيقال له: هم يأكلون، فيقول: دعهم حتي يفرغوا وروي عن عبد الله بن الصلت عن رجل من أهل بلخ قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) في سفره إلي خراسان، فدعا يوماً بمائدة له، فجمع عليها مواليه من السودان وغيرهم، فقلت: جعلت فداك، لو عزلت لهؤلاء مائدة.
فقال: إن الرب تبارك وتعالي واحد والأم واحدة والأب واحد، والجزاء بالأعمال.
نفتح قلوبنا في هذه الفقرة الي الإمام الصادق (عليه السلام) وهو يوصينا بوصايا الله عزوجل فنقرأ من رسالته الجامعة لشيعته المروية في المصادر الحديثية المعتبرة، قوله (عليه السلام): عليكم بالدعاء فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء والرغبة إليه والتضرع إلي الله والمسألة [له]، فارغبوا فيما رغبكم الله فيه، وأجيبوا الله إلي ما دعاكم إليه لتفلحوا وتنجوا من عذاب الله، وإياكم أن تشره أنفسكم إلي شيء مما حرم الله عليكم، فإنه من انتهك ما حرم الله عليه هاهنا في الدنيا حال الله بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لأهل الجنة أبد الابدين. واعلموا أنه بئس الحظ الخطر لمن خاطر الله بترك طاعة الله وركوب معصيته، فاختار أن ينتهك محارم الله في لذات دنيا منقطعة زائلة عن أهلها علي خلود نعيم في الجنة ولذاتها وكرامة أهلها. ويل لأولئك! ما أخيب حظهم وأخسر كرتهم وأسوأ حالهم عند ربهم يوم القيامة! استجيروا الله أن يجيركم في مثالهم أبدا وأن يبتليكم بما ابتلاهم به، ولا قوة لنا ولكم إلا به. أكثروا من أن تدعوا الله فإن الله يحب من عباده المؤمنين أن يدعوه، وقد وعد الله عباده المؤمنين بالاستجابة، والله مصير دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عملاً يزيدهم به في الجنة، فأكثروا ذكر الله ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار، فإن الله أمر بكثرة الذكر له، والله ذاكر لمن ذكره من المؤمنين. واعلموا أن الله لم يذكره أحد من عباده المؤمنين إلا ذكره بخير.