السلام عليكم ايها الصديقون، السلام عليكم ايها الشهداء الصابرون، اشهد انكم جاهدتم في سبيل الله، وصبرتم على الاذى في جنب الله، ونصحتم لله ورسوله، حتى اتاكم اليقين.
اهلاً بكم في هذا اللقاء الطيب معكم، وشخصية اخرى من اصحاب الامام الحسين (عليه السلام)، ذلك هو: عبد الرحمان بن عبد الله بن الكدر الهمداني الارحبي، التابعي الوجيه، والشجاع المقدام، والذي كان من مهماته رضوان الله عليه حمل رسائل اهل الكوفة الى الامام الحسين (عليه السلام)، حيث ذكره اهل السيرة انه كان موفداً عنهم الى ابي عبد الله الحسين وهو في مكة، يرافقه قيس بن مسهر الصائدي، ومعهما كتب نحو ثلاث وخمسين صحيفة يدعونه فيها للقدوم عليهم، وفي كل صحيفة اسماء جماعات غفيرة وقد دخل مكة المكرمة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، ثم تلاقت الرسل والكتب هناك، وكذا الوفادات على يد سعيد بن عبد الله الحنفي، وهاني بن هاني السبيعي، وعبد الله بن سبع بن عبد الله بن وال. عندها كتب الامام الحسين (عليه السلام) الى اهل الكوفة جاء فيه: اما بعد، فان هانيا وسعيدا قدما علي بكتبكم ومقالة جلكم: انه ليس علينا امام، فاقبل، لعل الله ان يجمعنا بك على الحق والهدى.
الى ان قال في كتابه (عليه السلام): فان كتب الي (اي مسلم بن عقيل) انه قد اجتمع راي ملأكم، وذوي الحجى والفضل منكم، على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرات في كتبكم، فاني اقدم اليكم وشيكا ان شاء الله، فلعمري ما الامام الا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الداين بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله، والسلام.
ودعا الامام الحسين (عليه السلام) مسلم بن عقيل فسرحه مع: قيس بن مسهر الصيداوي، وعمارة بن عبد الله السلولي، وعبد الرحمان بن عبد الله الارحبي.
كتب ابو مخنف: لما دعا الحسين (عليه السلام) مسلماً وسرحه من قبله الى الكوفة، سرح معه: قيس بن مسهر، وعمارة السلولي، وعبد الرحمان الارحبي وكان من جملة الوفود.
ولما انتهت هذه المهمة عاد عبد الرحمان الارحبي الى الامام الحسين، فكان من الاصحاب الذين واصلوا رحيلهم الى كربلاء، حتى كان يوم عاشوراء. ثم كانت الحملة الاولى، فالتحم عسكر الامام الحسين نع عسكر عمر بن سعد، في قتال ضار بين الحق والباطل، وفي هجمة واحدة انجلت الغبرة عن اقتتال ساعة، كانت قد خلفت خمسين شهيدا من اصحاب الامام الحسين (عليه السلام)، قيل: كان عبد الرحمان بن عبد الله الارحبي احدهم.
كما قيل: ان عبد الرحمان الارحبي رضوان الله تعالى عليه استاذن الامام الحسين (عليه السلام) في القتال، فأذن له، فنزل الى ساحة المعركة يضرب بسيفه في القوم وهو يقول:
صبرا على الاسياف والاسنة
صبرا عليها لدخول الجنة
ولم يزل يقاتل حتى استشهد رضوان الله عليه في جملة الشهداء الابرار، وزاره الامام المهدي في جملة الفادين الاخيار، وخصه بسلامه فقال: السلام على عبد الرحمان بن عبد الله بن الكدر الارحبي.
ومن "طي" كان لامام الحسين صاحب وشهيد، ذلك هو: عمار بن حسان الطائي، كان ابوه حسان ممن صحب امير المؤمنين علياً (عليه السلام)، وقاتل بين يديه في حرب الجمل، ثم في واقعة صفين فاستشهد فيها، ونهض من بعده وله عمار على نهج الولاء، فكان من الشيعة المخلصين، والشجعان المعروفين، ومن اهل الفهم والبصيرة والتوفيق، وقد وعى قول رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية، فعرف إمام زمانه (الحسين بن علي) فوالاه ولازمه، وصحبه من مكة الى كربلاء في ذلك الركب الشريف.
حتى كان الوم العاشر من المحرم، يومها لم يبدأ الامام الحسين سلام الله عليه بقتال، إذكره ذلك لنفسه ولأصحابه، بل بدأ بالنصائح والمواعظ الموقظة، وتبين الحقائق بأدلتها، فأبى قوم السوء إلا قتالاً، عند ذلك كانت العزة الحسينية قد أبت الذلة، فكان التقدم والنزال، والاقتحام والقتال، وقد حمل الشمر حملته الغادرة نحو عسكر ابي عبد الله الحسين بأصحابه عن اليمين والشمال، رشقاً بالنبال عن بعد، فكان اصحاب الامام الحسين بين طريح وجريح.
آساد ملحمةٍ .. ضراغم غابةٍ
لهم بنازلة الوغى ترحيبُ
ابطال حرب كم بهم قامت على
اهل النفاق وقائع وحروبُ
يأبون أن يبقون وآل نبيهم
كلُّ وجه الصعيد تريبُ
فاستقبلوا ضرب السيوف بأوجهٍ
غرّاء عن زُهر النجوم تنوبُ
حتى هووا فوق الصعيد كأنهم
أقمار تمٍّ في الدماء رُسوبُ
وكان من بين شهداء الحملة الاولى ـ كما يروي ابن شهر آشوب السرويّ في (مناقب آل ابي طالب) ـ عمار بن حسان الطائي رضوان الله عليه، فحاز ذلك الفوز العظيم بنصرته امام زمانه ابا عبد الله الحسين صلوات الله عليه بعد معرفته إياه، ثم القتال بين يديه حتى الشهادة، ثم حظي بالسلام عليه من قبل إمام هذا العصر والزمان، الحجة المهدي المنتظر صلوات الله عليه وعلى آبائه، حيث زاره مع شهداء طف كربلاء، فكان في زيارته الشريفة قوله: السلام على عمار بن حسان بن شُريح الطائي.