بسم الله الواحد الأحد وأزكي الصلاة علي المصطفي محمد وعلي آله اولياء الله الفرد الصمد. إذا صحت النوايا وصلحت وسلمت وإلي الباري تبارك وتعالي توجهت. انتقلت الابدان الي مواقع الطاعة والخير واثواب والفضيلة ونشطت النفوس والقلوب والأرواح في طريق مرضاة الله عز وجل.
فقد اثر عن الامام جعفر الصادق (عليه اسلام) قوله: ما ضعف بن عما قويت عليه النية ومن قبل اثر عن جده امير المومنين (عليه السلام) قوله: من حسنت نيته امده التوفيق.
وتلك حال اصحاب الامام الحسين (عليه السلام) كانت نية صالحة حسنة وهمة عالية غيورة فجدوا السفر اليه من كل حدب وصوب وجهة وقبيلة حتي التحقوا بركبه الإلهي المسافر إلي رضوان الله جل وعلا وكان لكل قصة وسبب حتي كان التوفيق يرافقهم والسعادة تحالفهم ليكونوا كواكب تحوم حول سيد شبابا اهل الجنة الى عبد الله الحسين سلام الله عليه.
من تلك الكواكب اللامعة التي هبطت في كربلاء رجل يدعي يزيد بن ثبيت العبدي القيسي من شيعة البصرة ومن اصحاب أبي الاسود الدولي وكان رحمة الله عليه شريفاً في قومه.
ولما ابلغ عبيد الله بن زياد بمقدم الامام الحسين ومكاتبة اهل العراق له كتب الي عامله بالبصرة ان يضع المسالح التفتيشية ويأخذ الطريق يومها خرج يزيد بن ثبيت العبدي وابناه: عبد الله وعبيد الله من البصرة وانضم اليه صحبه: عامر بن مسلم ومولاه سالم، وسيف بن مالك والادهم بن امية جادين السير في الطريق حتي انتهوا الي الامام الحسين (عليه السلام) وهو بالابطح من مكة. ثم واصلوا السير معه إلي كربلاء حتي اذا احترم القتال يوم عاشوراء تقدم يزيد بن ثبيت العبدي وابناه الي ساحة الطف فبارزوا حتي استشهدوا في الحملة الاولي بين يدي الحسين (عليه السلام) وفي رثائهم قال عامر بن يزيد بن ثبيت العبدي هذه الابيات الحزينة:
يا فرو قومي فاندبي
خير البرية في القبور
وابكي الشهيد بعبرة
من فيض دمع ذي درور
وارث الحسين مع التفجع
والتسأوه والزفير
قتلوا الحرام من الأئمة
في الحرام من الشهور
وابكي يزيد مجسدلاً
وابنيه في حر الهجير
متزملين .. دماؤهم
تجري علي لبب النحور
يا لهف نفسي لم نفز
معهم بجنّاتٍ وحور
وأعلي من ذلك سلام مقدس بعثه لهم خاتم الأوصياء الإمام المهدي أرواحنا له الفداء حين زارهم مع جميع الشهداء فقال: السلام علي يزيد بن ثبيت القيسي، السلام علي عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي.
وهناك قصة اخري لشهيد آخر توالت عليه التوفيقات اذ عقد نواياه علي نصرة الامام الحسين صلوات الله عليه. فبعد ان خذل الناس مسلم بن عقيل (عليه السلام) تحير بعض الشيعة الذين نهضوا مع مسلم وكانوا قد اتخذوا مواقعهم في الكوفة في الكوفة فلما سمعوا ما خطب به قيس بن مسهر الصيداوي رضوان الله عليه بان الامام الحسين (عليه السلام) قادم نحو الكوفة وعلموا بان عبيد الله بن زياد بعد قتله لمسلم اخذ يبحث عن انصاره ليقتلهم هموا بالخروج من الكوفة ليخرجوا من حيرتهم فينقذوا انفسهم وليلتحقوا بالركب الحسيني يوازرونه وينصرونه. وكان من هؤلاء: عمرو بن خالد الصيداوي وسعد مولاه وجنادة بن الحارث السلماني ومولاه واضح ومجمع العائذي وابنه عائذ وجماعة آخرون منهم: عبد الأعلي بن يزيد الكلبي. الذي حاول الخروج لكن لم يكتب له ذلك وعبد الأعلي الكلبي رضوان الله عليه هو شاب كوفي كان فارساً شجاعاً من الشيعة وقد كان ممن بايعوا مسلم بن عقيل رضوان الله عليه فلبس سلاحه حين اعلن مسلم تحركه بعد القبض علي هاني بن عروة فخرج عبد الأعلي الكلبي من منزله لينضم الي مسلم بن عقيل في محلة بني فتيان. الا ان الناس حينها تخاذلوا عن نصرة مسلم حتي تفرقوا اما عبد الاعلي الكلبي فقد قبض عليه كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي فحبسه.
حتي اذا اقدم عبيد الله بن زياد علي جريمة الكبري بقتله مسلم بن عقيل جاء كثير بن شهاب الحارثي بعبد الأعلي الكلبي فأدخله علي عبيد الله بن زياد فقال له عبد الاعلي: انما أردتك.
مستعملاً بذلك الكناية والنقية معاً فلم يصدقه عبيد الله وامر به فحبس.
ثم إن عبيد الله بن زياد لما خلاله الجو بقتله مسلم بن عقيل واعوانه دعا بعبد الأعلي الكلبي فاتي به من السجن، فقال له: اخبرني بامرك.
فاجابه مستعملاً معه التقية ايضاً: خرجت لانظر ما يصنع الناس فاخذني كثير بن شهاب!
فطالبه عبيد الله بامر اباه عبد الاعلي حيث قال له: فعليك وعليك من الايمان المغلظة ان كان اخرجك الا ما زعمت. فلم يحلف له عبد الاعلي الكلبي عندها نادي عبيد الله بن زياد علي جلاوزته قائلاً لهم: انطلقوا بهذا الي جبانة السبيع فاضربوا عنقه! فانطلقوا بعبد الاعلي فضربوا عنقه (رضوان الله تعالي عليه).