السابقون الى المكارم والعلى
والحائزون غداً حياض الكوثر
لو لا صوارم ووقع نبالهم
لم تسمع الاذان صوت مكبر
«السلام عليكم يا انصار الله وانصار رسوله، وانصار علي بن ابي طالب وانصار الحسن والحسين، وانصار الاسلام. اشهد انكم لقد نصحتم لله وجاهدتم في سبيله، فجزاكم الله عن الاسلام واهله افضل الجزاء، وفزتم والله فوزاً عظيماً... يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًاً. اشهد انكم احياء عند ربكم ترزقون. اشهد انكم الشهداء والسعداء، وانكم الفائزون في الدرجات العلى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
في الزيارة الجامعة الكبيرة، الواردة عن الامام علي الهادي عليه السلام، نخاطب امة الحق والهدى قائلين لهم: «من والاكم فقد والى الله، ومن عادكم فقد عادى الله، ومن احبكم فقد احب الله، ومن ابغضكم فقد ابغض الله، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله».
نعم.. فقد امر الله تبارك وتعالى بموالاة اهل البيت عليهم السلام ومودتهم، فاي امر يكون معهم يكون مع الله جل وعلا، كما قال تعالى مخاطبا حبيبه المصطفى صلى اله عليه وآله: «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ» ونقرا في الزيارة الجامعة كذلك هذه العبارات الشريفة: «من اطاعكم فقد اطاع الله، ومن عصاكم فقد عصى الله»، اجل، لانهم صلوات الله عليهم جاؤوا بامر الله وأمروا بطاعة الله وما يرضاه الله، فطاعتهم انما تؤدي الى طاعة الله، كما نقرأ في قوله تعالى: «مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ».
فمحمد وآل محمد صلوات الله عليه وعليهم هم ميزان الحق، بهم يعرف المؤمن من غيره؛ ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله للامام علي عليه السلام: «لولا انت ـ يا علي ـ لم يُعرف المؤمنون بعدي». ثم نقرأ بعد هذا الحديث الشريف قول الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في دعاء الندبة: «وكان ـ اي امير المؤمنين عليه السلام ـ بعده هدىً من الضلال، ونوراً من العمى، وحبل الله المتين، وصراطه المستقيم».
ونقرأ قبل ذلك نخاطب رب العزة عز وجل قائلين: ثم جعلت اجر محمد صلوات الله عليه واله مودتكم في كتابك، فقلت: «قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»
وقلت: ما سألتكم من اجر فهو لكم، وقلت: «قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً»، فكانوا هم السبيل اليك والمسلك الى رضوانك.
لقد شاء الله تعالى بحكمته ان يجعل اولياءه من الانبياء والاوصياء، صلواته وسلامه عليهم اجمعين، ميزانا لطاعته او معصيته، لمحبته او ابغضه، لموالاته او معادته، وعلى اساس ذلك يمتاز الناس وينشطرون، ويفترقون الى صفوف وفئات وعساكر، والامة والاجيال كلها في اختبار واختيار، فمن اصاب حظه اصطف الى جانب اولياء الله، ومن اخطأ حظه اصطف الى جانب اعداء الله.
وكانت السعادة العظمى لاصحاب الامام الحسين عليه السلام وعليهم رضوان الله تبارك وتعالى، يوم خيِّروا فاختاروا امام الحق، ولم يكتفوا باعلان موالاتهم له، بل ترجموا تلك الموالاة الى مواقف مشهودة مشرفة، قابلوا من خلال ائمة الباطل والضلال، وجاهدوا بين يدي امام زمانهم ملبين لندائه، ومطيعين لوصاياه واوامره، ومضحين في نصرته، مقدمين المهج العزيزة رخيصة يبذلونها في الدفاع عن حريمه وحرمته.
والى الموالاة لآ الله... جمع اصحاب الحسين براءة قاطعة من اعداء الله، لا على مستوى الذم اللساني، والاكتفاء باللعن، بل بدأوا معهم بالنصح والقاء الحجج والاحتجاج، وانتهوا معهم الى المحاربة والقتال، ذلك حين صمم المعاندون على اغتيال خليفة رسول الله ووصيه بالحق، فاصبح اصحاب الحسين درعا واقيا وتراسا مانعا دون قتله، ولم يسمحوا لانفسهم ان ُيصاب سيدهم وامامهم باي سوء او اذى وهم احياء ينظرون، ولم يرخصوا لمهجهم ان تعيش ويقتل اولياء الله، فتقدموا بروح التضحية والفداء، متساقطين على الارض شهداء ابرار مقطعين، فوهبهم الله الرفعة والكرامة والشرف السامق والجلال والعزة المنيعة، اذ اصبح لهم قبور نيرة تزار وقد جاوروا الحسين بعد شهادتهم كما اصطفوا الى جانبه في حياتهم، تفد اليهم افواج المحبين كل يوم، يقف الزائر منهم على عتبة ضريحهم ليقول لهم:
«السلام عليكم... السلام عليكم... السلام عليكم، فزتم والله فزتم والله فزتم والله، فليت اني معكم، فافوز معكم فوزاً عظيماً». ويقول آخر يخاطبهم في اجلال واكرام: «السلام عليكم ايها الذابون عن توحيد الله، السلام عليكم بما صبرتم فتعم عقبى الدار، بابي انتم وامي، فزتم فوزاً عظيماً».
ويقول ثالث في تمجيد واعظام: «السلام عليكم يا اولياء الله واحباءه، السلام عليكم يا اصفياء الله واوداءه، السلام عليكم يا انصار دين الله وانصار نبيه، وانصار امير المؤمنين، وانصار فاطمة سيدة نساء العالمين، السلام عليكم يا انصار ابي محمد الحسن، السلام عليكم يا انصار ابي عبد الله الحسين الشهيد المظلوم صلوات الله عليهم اجمعين. بابي انتم وامي، طبتم وطابت الارض التي فيها دفنتم، وفزتم والله فوزاً عظيماً. يا ليتني كنت معكم، فافوز معكم في الجنان، مع الشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
فاذا اراد الزائر وداعهم، توجه الى الله بهذا الدعاء: «اللهم لاتجعله اخر العهد من زيارتي اياهم، واشركني معهم، وادخلني في صالح ما اعطيتهم على نصرهم ابن بنت نبيك، وحجتك على خلقك، وجهادهم معه في سبيلك. اللهم اجمعنا واياهم في جنتك مع الشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا. استودعكم الله وأقرا عليكم السلام. اللهم ارزقني العود اليهم، واحشرنا معهم، يا ارحم الراحمين. وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين».