بات علي بن يقطين ليلته بقرار حازم اعرض للامام في طريقه غداً ولا اتركه حتى يخبرني بذنبي، ونفذ قراره في اليوم التالي فاعترض طريقه متنكراً واسر اليه سؤالاً عن ذنبه الذي حجبه الامام بسببه فاجابه عليه السلام: حجبتك لانك حجبت اخاك ابراهيم الجمال وقد ابى الله ان يشكر سعيك او يغفر لك ابراهيم الجمال.
عرف ابن يقطين ذنبه وما كان يتصور ان مافعله في ذلك اليوم الذي ازدحمت فيه المشاغل يعد ذنباً يحاسبه الامام عليه بهذه الشدة لقد جاء ابراهيم ذاك الجمال الكوفي البسيط والطيب في حاجة له من الكوفة الى بغداد فاعتذر عن لقائه بكثرة مشاغله في ذلك اليوم فعاد ابراهيم ادراجه وها هو الامام عليه السلام يحجب ابن يقطين رغم طيه تلك الشقة البعيدة بين بغداد والمدينة عرف ابن يقطين الان خطأ تصوره يومذاك بان عذره في حجب الجمال الكوفي مقبول ومعقول وتيقن من ان ما فعله ذنب عظيم لمن كان في منزلته من اصحاب ائمة الهدى عليهم السلام.
وعزم على تداركه واسترضاء ابراهيم الجمال واستحصال عفوه عنه فهذا شرط فوزه برضا الامام ولقائه ولكن كيف يمكنه القيام بذلك عرض مشكلته على الامام: سيدي ومولاي ومن لي بابراهيم الجمال في هذا الوقت وانا بالمدينة وهو بالكوفة!!
اجل مشكله ابن يقطين صعبة فالمسافة بين المدينة والكوفة بعيدة ولكن صدقه في الشعور بالندم وعزمه على التدارك شفعا له عند الامام فيسر عليه السلام له ما يصعب على غيره فهو عليه السلام خليفة من عرج الله به الى السماء.
امر الامام ابن يقطين ان يذهب الى البقيع ليلاً وحده ودون ان يعلم به احد ليجد هناك فرسا نجيباً مسرجاً يركبه فهو مامور بايصاله الى مقصده وارجاعه!
وقف ابن يقطين على باب دار ابراهيم الجمال في الكوفة متذللاً وطرقها قائلاً: انا علي بن يقطين فافتح الباب يااخي استغرب ابراهيم ماسمع ومايعمل علي بن يقطين الوزير ببابي؟
اجابه: يا هذا ان امري عظيم فلا تمنعني زيارتك! اذن له ابراهيم فدخل ابن يقطين الوزير متذللاً معتذراً لاخيه الجمال! يا ابراهيم ان سيدي وسيدك الامام الكاظم ابى ان يقبلني حتى تغفر لي رق ابراهيم لحال اخيه وسارع باخباره برضاه عنه ومغفرته لما صدر منه بحقه ولكن ابن يقطين لم يقنع بذلك والتمس من اخيه ان يطأ برجله خده! لا، لا، يا اخي لن افعل لقد اشترط الامام رضاي وقد رضيت عنك فلا حاجة لذلك ولكن ابن يقطين اصر عليه واصر حتى اضطر ابراهيم الى اجابة طلبه ففعل وعلي ابن يقطين يقول: اللهم اشهد اللهم اشهد واغفرلي.
عاد ابن يقطين الوزير الى المدينة بالوسيلة نفسها التي نقلته للكوفة واستأذن على الامام عليه السلام فاذن له مرحباً ودخل عليه فقبله.
طلب الامام عليه السلام من ابن يقطين الوزير في بلاط هارون أي حيث تحدق به الاخطار من كل جانب طلب منه ان يضمن للامام خصلة واحدة ويضمن الامام له ثلاث خصال تدفع عنه كل تلك الاخطار سأله عنها فقال عليه السلام الثلاث اللواتي اضمنهن لك ان لايصيبك حر الحديد ابداً بقتل ولا فاقة ولا سجن وحبس! فسأله عن الخصلة التي يضمنها هو للامام مقابل ذلك فقال تضمن ان لا يأتيك ولي ابداً الا اكرمته! فضمن عليّ الخصلة وضمن عليه السلام له الثلاث فلم تصبه كثرة الوشايات به لدى هارون العباسي باي سوء!
*******