دخل رشيد غرفته واغلق بابها بعنف يشهد انه يريد العزلة عن كل ماحوله كأنه يريد توديعه الى الابد ولكن حقيقة الامر غير ذلك ففي واقعه الذي يريد اعتزاله الكثير من العناصر التي تشده اليه زوجة عطوف وأطفال يحبهم واصدقاء يعزهم الكثيرون يغبطونه على ذلك وبعضهم والعياذ بالله يحسدونه على ماهو فيه من نعم مشهودة ولكن فورة الغضب لازالت مستولية على نفسه فصرخ بها بانفعال سيطر على كل كيانه لعن الله هذا الغضب الذي استحوذ عليك فافقدني السيطرة على اعصابي ودفعني لضرب فلذة كبدي بتلك القسوة، اجل كان الذي ساقه الى تلك الغرفة المظلمة ليخلو فيها مع نفسه غضبه على ابنه وضربه له كان قد عاد للتوِّ من عمله متعباً ليجد ابنه جالساً يتفرج على الشاشة الصغيرة فغضب وصرخ به وهو يضربه الم اخصص لك وقتاً خاصاً لمشاهدة ماتحب من برامج هذه الشاشة الملعونة فلماذا تجلس الان امامها اليس هذا الوقت مخصص لمراجعة دروسك سأله ولكنه لم ينتظر منه جواباً عاجله بصفعة قوية قرنها بامر حازم بالذهاب الى غرفته ليطالع دروسه تلاحقه صرخات غاضبة ويحك يا ولد متى تتعلم انك لم تعد صغيراً كم من مرة قلت لك قم بكل عمل في الوقت المخصص له لا تتجاوز الحدود لماذا لا تسمع كلامي، توجه الصبي الى غرفته وهو ينظر الى ابيه بعين تفجرت فيها دموع ناطقة اغنته عن الكلام واسترحام ابيه او تأنيبه على هذه الصفعة التي وجهها اليه ابوه قبل ان يسمع منه ادنى توضيح لقد اذته تلك الصفعة ولاريب ولكنها اذت اباه اكثر خاصة عندما سمع من امه التوضيح الذي لم يسمعه منه قالت له: لماذا هذا الغضب لقد انهى الطفل واجبه المدرسي مبكراً لانه عاد مبكراً من المدرسة فاستأذنني بمشاهدة التلفزيون فسمحت له، حاولت نفسه ان تخفف عنه الالم الذي يعتصره بسبب غضبه الجامح وما ادى به من ظلم لفلذة كبده قالت له لا بأس عليك ان التأديب امر ضروري للطفل والا لما اشتد عوده وقوت شخصيته وبدونه ينشأ الطفل مدللاً ضعيف الشخصية ولكن هذا التبرير لم يقنعه فسرعان ماهداه عقله الى انه وسوسة نفسية وتسويل يظفي على الخطأ وشاح الصحة وعلى المرض ستار عافية كاذبة فقال له: لا تنخدع بما تسول لك نفسك فانت تعرف جيداً بان تلك الصفعة لم تكن تأديبية فلو لم تكن متعباً ولو لم يسيطر عليك الغضب مما رأيت لم توجهها للطفل قبل ان تصبر حتى يقدم لك توضيحاً لما رأيت بالله عليك هل كنت ستفعل مافعلت لو كانت اعصابك هادئة ثم من قال بان التأديب بالضرب الم ينه عنه أئمة اهل البيت عليهم السلام خاصة اذا كان مبرحاً كالصفعة التي وجهتها لطفلك البريء الم يهدوننا سلام الله عليهم الى وسائل اخرى في التأديب تحقق المرجو منها وتنمي في الطفل الشعور بروح الكرامة الانسانية مثل هجران لا يطول او اعراض تأنيبي ينبه الطفل الى خطأه دون ان يسحق شخصيته بضرب متكرر ينهي المشاعر العدوانية والبهيمية فيه؟
*******