البث المباشر

اخطأ الطبيب وأصاب المريض -۱

الأربعاء 16 أكتوبر 2019 - 10:39 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 40

 

كان الشوق يشتد في صدره يوماً بعد آخر للعودة ملقياً ظلاله على انسه بتلك المواقف الكريمة والمشاهد الشريفة التي طالما اشتد شوقه لزيارتها وها هو قد توفق للحلول فيها في الارض التي احتضنت شيخ الانبياء ابراهيم الخليل عليه السلام وخاتم الانبياء الحبيب محمد صل الله عليه وآله.
كل من يحل ضيفاً على الرحمن في هذه الديار المقدسة يذهل عن وطنه واهله ودياره وينبعث في قلبه شعور عارم بان موطنه الاصلي هو هذه الديار فيتمنى المكوث فيها ما استطاع الى ذلك سبيلاً وقد استولى هذا الشعور العارم وهذه الامنية المقدسة على قلب الشيخ الحاج شيخ السلام الشيرازي ولكنه كان يتجاذبه على الطرف الآخر شوق للعودة الى سامراء حيث يقيم استاذه ومقتداه الميرزا الكبير آية الله السيد محمد حسن الشيرازي صاحب الفتوى المهدوية التي فجرت ثورة التبغ او التنباك الشهيرة، لم يكن شوقه للعودة منبعثاً من عشقه الالهي لاستاذه العالم الرباني ورغبته في المزيد من الاستزادة من محضره وروحه الزكية بل كان ممزوجاً هذه المرة بقلق بالغ على سلامة السيد الميرزا، فعندما تحركت القافلة نحو الديار المقدسة كان الماء قد سال من احدى عيني السيد ولم يكن علاجه بالامر اليسير فهو شيخ كبير والامكانات الطبية يومذاك متواضعة والخيار الوحيد هو اجراء عملية قد يصعب عليه تحملها لهذا كان الحاج في شوق شديد للعودة والتعرف على سلامة السيد فلم يكن الاتصال يسيراً يومئذ لكي يكون بامكانه الحصول على اخباره.
لا ادري، لا ادري لماذا يعتريني هذا الهاجس المتشاؤم بين الحين والآخر كان يردد هذه الكلمات في نفسه وهو يحدق النظر الى الكعبة بعد ان اتم دعاءه لسيده في ذلك المكان المقدس فخيم على روحه شعور لم يأنس به تكررت هذه الحالة مراراً معه لتزيد من قلقه وسوقه لسيده غمره الفرح مشوباً بذاك القلق الذي لم يفارقه عندما تحركت القافلة متوجهة صوب العراق وعندما وصل مدينة العسكريين كان اول ما قال لمستقبليه: كيف حال الميرزا الان؟
اجابه احد مستقبليه: الحمد الله لقد اجريت له عملية في احد عينيه وسالناه عنها فحمد الله واثنى عليه فعرفنا انها بخير ولكن الحاج لم يطمئن بالكامل لما قالوا وعاوده الهاجس الذي هجم عليه مراراً في رحلته.
ذهب الى بيت السيد الميرزا قبل ان ينفض غبار سفره الطويل دخل ذاك البيت المتواضع الذي ضم رجلاً احبط بفتواه القصيرة احدى اخطر مكائد بريطانيا لفرض ليلها على ايران بالكامل اشرق وجهه وهو يرى السيد بعد فراق رآه اطول من مدته الحقيقية بكثير، كيف حالك ياسيدي قالها بلهفة يشوبها ذاك القلق العتيد فاجابه السيد بكلمات مفعمة بالطمأنينة، الحمد لله بخير له الشكر على جليل ما انعم لايحصي نعماءه العادون.
كانك يا سيدي تتحدث عن نعمة جديدة احاطك الله بها بعد العملية سال الحاج مقتداه وقد بعثت في قلبه تلك الكلمات شعوراً طافحاً بالسرور فاجاب السيد: نعم يا ولدي انعم الله عليَّ بنعمة جليلة اخرى اعظم بكثير من نعمة الصحة والسلامة اكتفى السيد بهذه الكلمات ولم يفصح عن تلك النعمة الجليلة ولكن الاضطراب عاد بعودة الهاجس الى الحاج وقد اشتد الاحساس في قلبه بان صحة السيد ليست على ما يرام، حدق الحاج بصره في وجه السيد الميرزا المجدد فوجد ان اشراقته النورية لم تستطع ان تخفي احساساً بالالم يعتصره الح بالسؤال من سيده عن حاله فقد اطمئن ان هاجسه لا يقوم على فراغ بل ان الالم شديد يعصر السيد وهو يسعى لاخفائه ذهب كل الحاحه بالسؤال ادراج الرياح ولم يجد به نفعاً في استدراج السيد للبوح بها يكتنفه ضميره فقرر الدخول من نافذة اخرى هي نافذة الرجاء فقد عرف في السيد خلقاً الهياً هو ان لا يرد من رجاه واقسم عليه بما يعز عليه ان يرد من اقسم به اسم عليك يا سيدي بجدتك الزهراء عليها السلام ان تصارحني بحقيقة حالك فلدي هاجس لا اظنه من الشيطان انها ليست كما تحاول اظهارها.
ترى هل سينجح التلميذ الوفي في دفع استاذه السيد الجليل الى الكشف عما يكنه ضميره من سر حرص على ان لا يطلع عليه احداً وما هو هذا السر يا ترى في تتمه هذه القصة من الغرابة اكثر مما مضى منها فتابعوها في الحلقة المقبلة من هذا اللقاء مع قصص من الحياة.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة