نلتقيكم في حلقة أخري من هذا البرنامج تشتمل علي ثلاث حكايات قصيرة من سيرة سيد الوصيين الإمام علي (عليه السلام) فيها هدايات بليغة الي خصال أئمة الحق والورثة الصادقين لسيد النبيين نبي الرحمة محمد المصطفي (صلي الله عليه وآله) لا سيما في شدة رأفته بالناس وحرصه علي إيصال الخير اليهم.
الحكاية الأولي رواها المحدث الثقة محمد بن سليم الكوفي في كتاب مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) بسنده أن رجلاً من بني تميم قال: وجهني عبد الله بن عباس إلي علي بن أبي طالب وهو (عليه السلام) بالكوفة بستمائة ألف درهم فضلت من عطايا أهل البصرة فقدمت عليه وهو يعشي الناس في شهررمضان من طيب الطعام ويقدم لهم الطعام بنفسه فقال: يا أخا بني تميم اجلس فأصب مع الناس.
فقلت: بل أقوم معك وأعينك حتي يفرغوا.
قال: ذلك إليك.
فلما فرغوا ذهب بي إلي بيته فلما دخل منزله جلس ثم قال: يا قنبر ائتني بالمزود فجاءه بمزود مختوم فنظرتُ إلي ختمه فقلت في نفسي هذا مال يريد أن يدفعه لي ففتحه فأخرج لي كسر خبز يابس فبلله بماء وأتي بزيت وملح فصب عليه وقال: ادن يا أخا بني تميم أي أنه دعاه الي مشاركته في طعامه هذا ولكن التميمي لم يكن قادراً علي تناول هذا الطعام البسيط قال:
فقلت: أقلني يا أمير المؤمنين ردني إلي أصحابي!!
فقال: هيهات فاتك أصحابك؟! يا قنبر ائت الحسن بن علي فقل له: إنه نزل بنا ضيف فإن يك عندك غياث فأغثه.
فذهب قنبر إلي بيت الحسن (عليه السلام) فجاء بصحفة فيها مرق ولحم وأرغفة فوضع بين يدي فجعلت آكل فقال: يا أخا بني تميم إنك لحاذق بأكل هذا!
فقلت: [و] أنت والله حاذق بأكل فلق الخبز!!
فبكي (عليه السلام) ثم قال: يا أخا بني تميم متي ساويناهم في طعامهم سألنا الله عن ذلك!!
ثم قام إلي حب علي الفرات فشرب منه ماءاً ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني وسقاني.
ومن كتاب مناقب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) لمحمد بن سليمان الكوفي نقرأ لكم أيضاً ما حكاه بعض أصحاب الإمام علي (عليه السلام) عن سيرته فقال: ولم يسأله أحد شيئاً فرده إلا بما يرضيه. وكان (عليه السلام) يدعو قنبراً بالليل فيحمل دقيقا وتمراً فيمضي به إلي أبيات قد عرفها فيصلهم ولا يطلع عليه أحد.
فقال محمد بن الحنيفة له: يا أبة ما يمنعك أن تدفعه إليهم نهاراً؟
فقال: يا بني إن صدقة السر تطفيء غضب الرب عزوجل.
والحكاية الثالثة نقرأها لكم من كتاب "شرح احقاق الحق" لآية الله السيد المرعشي النجفي وقد نقلها (رضوان الله عليه) عن كتاب محاسن الآثار بسنده عن أبي مطر البصري أنه شهد عليا أتي أصحاب التمر، وجارية تبكي عند التمار فقال: ما شأنك؟
قالت: باعني تمرا بدرهم، فرده مولاي فأبي أن يقبله، فقال علي: يا صاحب التمر خذ تمرك وأعطها درهما، فإنها خادم وليس لها أمر.
فدفع صاحب التمر عليا أي رفض طلبه بعنف - فقال له بعض من في السوق: أتدري من دفعت؟
قال: لا.
قالوا: أمير المؤمنين فصب تمرها، وأعطاها درهما، وقال: أحب أن ترضي عني.
فقال: لا ما أرضي عنك إلا إذا أوفيت الناس حقوقهم.