تحية مباركة طيبة نستهل بها لقاءً اخراً من هذا البرنامج وقد أعددنا لكم فيه حكايتين فيهما هدايتان بليغتان لصفات أهل المودة الصادقة لمحمد وآله الطاهرين لا سيما لسيد الوصيين وأمير المؤمنين (عليه السلام).
نبدأ بالحكاية الأولي وقد رواها الثقة الجليل الشيخ منتجب الدين في كتاب الأربعون حديثاً عن عبد الواحد بن زيد أنه قال: كنت حاجا إلي بيت الله الحرام، فبينا أنا في الطواف إذ رأيت جاريتين واقفتين عند الركن اليماني، إحداهما تقول لاختها: لاوحق المنتجب بالوصية، والحاكم بالسوية، العادل في القضية، العالي البنية الصحيح النية، بعل فاطمة المرضية، ما كان كذا وكذا.
قال عبد الواحد، فقلت: يا جارية من المنعوت بهذه الصفة ألتي تقولين؟
فقالت: ذاك والله علم الاعلام: وباب الاحكام، وقسيم الجنة والنار، وقاتل الكفار والفجار، ورباني الامة ورئيس الائمة، ذاك أمير المؤمنين وإمام المسلمين الهزبر الغالب، أبو الحسن علي بن أبي طالب.
قلت: من أين تعرفين علياً؟
وهنا أجابت هذه المرأة عن سؤال عبد الواحد بن زيد، فنقلت له حكاية جرت لها مع أمير المؤمنين (عليه السلام): أظهر الله جل جلاله علي يديه كرامة شبيهة بكرامات عيسي (عليه السلام) المذكورة في القرآن الكريم وذلك اكراماً للرأفة العلوية باليتامي.
قالت هذه المرأة المؤمنة عبد الله وكيف لا أعرف مَن قتل أبي بين يديه في يوم صفين، ولقد دخل (عليه السلام) علي امي ذات يوم.
فقال لها عبد الله: كيف أصبحت يا ام الايتام؟
فقالت له: أمي بخير يا أمير المؤمنين، ثم أخرجتني واختي هذه إليه، وكان قد أصابني من الجدري ما ذهب به والله بصري، فلما نظر إلي تأوه، ثم طفق يقول عبد الله.
ما إن تأوهت من شيء رُزيت به
كما تأوهت للاطفال في الصغر
قد مات والدهم من كان يكفلهم
في النائبات وفي الاسفار والحضر
ثم أمر بيده المباركة علي وجهي، فانفتحت عيناي لوقتي وساعتي، فو الله يا ابن أخي إني لانظر إلي الجمل الشارد في الليلة الظلماء، كل ذلك ببركة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم أعطانا شيئاً من بيت المال، وطيب قلبنا، ورجع، قال عبد الواحد عبد الله فلما سمعت هذا القول قمت إلي دينار من نفقتي فأعطيتها وقلت عبد الله: خذي يا جارية هذا واستعيني به علي وقتك.
قالت عبد الله: إليك عني يا رجل فقد خلفنا خير سلف علي خير خلف، نحن والله اليوم في عيال أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام). فولت وطفقت تقول عبد الله.
حب علي في خناق فتي
إلا له شهدت بالنعمة النعم
و لا له قدم زل الزمان به
إلا له أثبتت من بعدها قدم
ما سرني أن أكن من غير شيعته
لو أن لي ما حوته العرب والعجم
ننقل لكم حكاية فيها مصداقٌ واضح لروح الولاء الصادق لأولياء الله عجل الله فرجه والتي تضمنتها الأبيات التي أنشأتها تلك المرأة المؤمنة في الحكاية السابقة في كتاب "الأربعون حديثاً" أيضاً روي الشيخ منتجب الدين بسنده عن علي بن محمد قال: رأيت ابنة أبي الاسود الدؤلي وبين يدي أبيها خبيص فقالت عبد الله يا أبه أطمعني فقال: افتحي فاك ففتحت فوضع فيه مثل اللوزة، ثم قال لها: عليك بالتمر فهو أنفع وأشبع.
فقالت: هذا أنفع وأنجع؟
فقال: هذا الطعام بعث به إلينا معاوية يخدعنا به عن حب علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فقالت: قبحه الله، يخدعنا عن السيد المطهر بالشهد المزعفر، تبا لمرسله وآكله، ثم عالجت نفسها وقاءت ما أكلت منه، وأنشأت تقول باكية.
أبالشهد المزعفر يا ابن هند
نبيع إليك إسلاماً وديناً
فلا والله ليس يكون هذا
ومولانا أمير المؤمنينا