تحية طيبة، معكم في لقاء أخرمن هذا البرنامج ومع حكايتين الأولي طويلة وفيها هداية جليلة من الإمام الصادق (عليه السلام) الي أعلي مراتب العبادة، تليها حكاية قصيرة تهدي الي صفة طالب الحق.
نقرأ لكم من كتاب عدة الداعي للعلامة الجليل ابن فهد الحلي ما رواه عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إن موسي صلوات الله عليه انطلق ينظرفي أعمال العباد، فأتي رجلا من أعبد الناس فلما أمسي حرك الرجل شجرة إلي جنبه فإذا فيها رمانتان، فقال الرجل له: عبد الله من أنت؟ إنك عبد صالح، أنا ههنا منذ ما شاء الله ما أجد في هذه الشجرة إلا رمانة واحدة، ولو لا أنك عبد صالح ما وجدت رمانتين.
قال (عليه السلام): أنا رجل أسكن أرض موسي بن عمران، فلما أصبح قال موسي للرجل العابد: تعلم أحداً أعبد منك؟
قال: نعم، فلان الفلاني.
قال: فانطلق إليه فإذا هو أعبد منه كثيراً فلما أمسي أوتي برغيفين وماء فقال: يا عبد الله من أنت إنك عبد صالح أنا ههنا منذ ما شاء الله وما أوتي إلا برغيف واحد، ولو لا أنك عبد صالح ما أوتيت برغيفين، فمن أنت؟
قال: أنا رجل أسكن أرض موسي بن عمران.
ثم قال موسي: هل تعلم أحداً أعبد منك؟
قال: نعم، فلان الحداد في مدينة كذا وكذا.
نقل هذه الحكاية بالإشارة الي أن موسي الكليم (عليه السلام) ذهب الي المدينة وهو يتوقع أن يري رجلاً أكثرعبادةً من صاحبيه لكن الأمر لم يكن كما توقع، قال الإمام الصادق (عليه السلام) في تتمه الحكاية: فأتاه فنظر الي رجل ليس بصاحب عبادة، بل إنما هو ذاكر لله تعالي وإذا دخل وقت الصلاة قام فصلي، فلما أمسي نظر إلي غلته فوجدها قد أضعفت قال: يا عبد الله من أنت إنك عبد صالح أنا ههنا منذ ما شاء الله غلتي قريب بعضها من بعض والليلة قد أضعفت فمن أنت؟
قال: أنا رجل أسكن أرض موسي بن عمران.
قال: فأخذ ثلث غلته فتصدق بها، وثلثا أعطي مولي له، وثلثا اشتري به طعاماً فأكل هو وموسي.
قال: فتبسم موسي (عليه السلام) فقال: من أي شيء تبسمت؟
قال: دلني نبي بني إسرائيل علي فلان فوجدته من أعبد الخلق فدلني علي فلان فوجدته أعبد منه فدلني فلان عليك وزعم أنك أعبد منه، ولست أراك شبه القوم، أجاب هذا العابد علي سؤال موسي الكليم: أنا رجل مملوك أليس تراني ذاكراً لله، أو ليس تراني أصلي الصلاة لوقتها، وإذا أقبلت علي الصلاة أضررت بغلة مولاي، وأضررت بعمل الناس وهنا عرف موسي (عليه السلام) أن رجل عابد لله بكل وجوده ولكن ليس بالصورة المألوفة للعبادة من تفرغ للصلاة بل برعاية أحكام الله تعالي في جميع شؤونه وبصورة عليه، وذكرالإمام الصادق (عليه السلام) نموذج لكرامات هذا الرجل أراها الله لكليمه موسي فقال موسي لربه متسائلاً: يا رب بما بلّغت هذا ما أري؟
فقال جل جلاله: إن عبدي هذا يصبر علي بلائي، ويرضي بقضائي ويشكر نعمائي.
الحكاية الثانية في هذا اللقاء قصيرة نختارها من كتاب منازل الآخرة وفيها هداية لطيفة الي صفة طلاب الهداية، قال آية الله الشيخ التقي عباس القمي في كتابه المذكور:
نقل عن قثم الزاهد قال: رأيت راهباً علي باب بيت المقدس كالوا له فقلت له أوصني فقال: كن كرجل احتوشته السباع فهو خائف مذعوريخاف أن يسهو فتفترسه ويلهو فتنهشه، فليله ليل مخافة إذا أمن فيه المفترون، ونهاره نهار حزن إذا فرح البطالون.
ثم انه ولي وتركني فقلت له: زدني.
فقال: إن الظمآن يقنع بيسير الماء.