أهلاً بكم في حلقة أخري من هذا البرنامج الروائي نأمل من الله عزوجل أن تقضوا أطيب الأوقات مع الحكايات الخمس التي إخترناها لكم فيها وجميعها تحكي سمو الأخلاق الحسنية لكن كلاً منها يحمل أكثر من هداية، فالأولي ننقلها لكم من كتاب "شرح إحقاق الحق" حيث روي فيه عن نجيح القصاب قال: رأيت الحسن بن علي يأكل وبين يديه كلب كلما أكل لقمة طرح للكلب مثلها، فقلت له: يا ابن رسول الله ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك.
فقال: دعه إني لأستحيي من الله عزوجل أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل ثم لا أطعمه.
ومن هداية الرفق بالحيوان التي إشتملت عليها الحكاية الأولي ننقلكم الي حكاية ثانية وهداية عن إكرام عزيز قوم ذل، فقد حكي العلامة أحمد بن حجر الهيتمي في كتاب "الصواعق" (ص 137 من الطبعة المصرية) وغيره قالوا: جاء رجلٌ الي الحسن بن علي يشكو اليه حاله وفقره وقلة ذات يده بعد أن كان مثرياً.
فقال (عليه السلام) له: يا هذا حق سؤالك إياي معظم لدي، ومعرفتي بما يجب لك يكبر علي، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات الله قليل، وما في يدي وفاء بشكرك، فإن قبلت الميسور ورفعت عني مؤنة الاحتفال والاهتمام لما أتكلف من واجبك فعلت.
فقال: يا ابن رسول الله أقبل وأشكر العطية وأعذر علي المنع، فدعي الحسن (عليه السلام) وكيله وجعل يحاسبه علي نفقاته حتي استقصاها.
فقال له: هات الفاظل فأحضر خمسين ألفا درهم.
ثم قال: ما فعلت بالخمس مائة دينار؟
قال: هي عندي.
قال: أحضرها فأحضرها فدفع (عليه السلام) الدنانير والدراهم إلي الرجل، قال: هات من يحملها لك فأتي بحمالين فدفع الحسن سلام الله عليه إليهما رداءه لكد الحمل.
وقال: هذا أجرة حملكما ولا تأخذوا منه شيئاً.
فقال له مواليه: والله ما عندنا درهم.
فقال: لكني أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم.
في الحكاية الثالثة إلتزامٌ حسني جميل بوصية محمدية اثمرت علي هداية يهودي للاسلام، فقد روي العلامة الصفوري في كتابه "نزهة المجالس ومنتخب النفائس" (الجزء الأول ، صفحة 238 من طبعة القاهرة).
أن جاراً يهودياً انخرق جداره إلي منزل الإمام الحسن فصارت النجاسة تنزل إلي داره (عليه السلام) واليهودي لا يعلم بذلك، فدخلت زوجته يوماً، فرأت النجاسة قد اجتمعت في دار الحسن، فأخبرت زوجها بذلك، فجاء اليهودي إليه معتذراً من الإمام (عليه السلام) وسأله لماذا لم يخبره بالأمر.
فأجاب (عليه السلام): أمرني جدي رسول الله (صلي الله عليه وآله) بإكرام الجار، فأسلم اليهودي تأثراً بهذا الخلق المحمدي.
أما الحكاية الرابعة ففيها هداية لأحد الذين إنخدعوا بأباطيل بني أمية أيام صفين، حيث إهتدي الي الحق ببركة الحلم الحسني حكي العلامة أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي قال:
قال رجل من أهل الشام: قدمت المدينة بعد صفين فرأيت رجلاً حضرنا فسألت عنه فقيل: الحسن بن علي فحسدت عليا أن يكون له ابن مثله، فقلت له: أنت ابن أبي طالب.
قال: أنا ابن ابنه.
فقلت له: بك وبأبيك فشتمته وشتمت أباه وهو لا يرد شيئاً، فلما فرغت أقبل علي وقال: أظنك غريبا ولعل لك حاجة فلو استعنت بنا لأعناك ولو سئلتنا لأعطيناك ولو استرشدتنا أرشدناك ولو استحملتنا حملناك.
قال الشامي: فوليت عنه وما علي الأرض أحد أحب إلي منه فما فكرت بعد ذلك فيما صنع وفيما صنعت إلا تصاغرت إلي نفسي.
وخامسة حكايات هذا اللقاء يرويها أيضاً العلامة ابو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي، وجاء فيها: كان للحسن بن علي (عليه السلام) شاة تعجبه فوجدها يوما مكسورة الرجل فقال للغلام: من كسر رجلها؟
قال: أنا.
قال: لم؟
قال: لأغمنك.
قال الحسن: لا فرحتك أنت حر لوجه الله تبارك وتعالي.
وفي رواية أخري: قال (عليه السلام) له لأغمن من أمرك بغمي، يعني أن الشيطان أمره أن يغمه.