نحن ننقل لكم حكايتين من حكايات الهداية في الأولي توبةٌ نصوحٌ يعقبها فوزٌ بالجنة، وفي الثانية دعوة مستجابة تثمرهداية مجوسي الي الدين الحق.
روي في كتاب المناقب للمؤرخ الحلبي عن علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتّاب بني أمية فقال لي: استأذن لي علي أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، فاستأذنت له، فلما دخل سلم وجلس ثم قال: جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم، فأصبت من دنياهم مالاًَ كثيراً، وأغمضت في مطالبه - يعني لم يعبأ بأنه من الحرام -.
فقال أبوعبد الله الصادق (عليه السلام): لو لا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، ولوتركهم الناس وما في أيديهم. ما وجدوا شيئاً إلا ما وقع في أيديهم.
فقال الفتي: جعلت فداك فهل لي من مخرج منه؟
أجاب الامام: إن قلت لك تفعل؟
قال: أفعل.
قال: اخرج من جميع ما كسبت في دواوينهم، فمن عرفت منهم أي من أصحاب تلك الأموال رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به، وأنا أضمن لك علي الله الجنة.
قال الراوي: فأطرق الفتي طويلاً.
ثم قال: قد فعلت جعلت فداك.
قال الراوي ابن أبي حمزة: فرجع الفتي معنا إلي الكوفة فما ترك شيئاً من ماله إلا خرج منه حتي ثياباً، وبعثنا له بنفقة، فما أتي عليه أشهر قلائل حتي مرض فكنا نعوده قال: فدخلت عليه يوماً وهو في السياق - أي عند الإحتضار- ففتح عينية.
ثم قال: يا علي وفا لي والله صاحبك.
قال: ثم مات فولينا أمره، فخرجت حتي دخلت علي أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فلما نظر إلي قال: يا علي وفينا والله لصاحبك، قال:
فقلت: صدقت جعلت فداك هكذا.
قال لي: والله عند موته.
ننقل لكم حكايةً مؤثرة في بركة إكرام الذرية المحمدية نقلها العالم الحنفي سبط ابن الجوزي في كتابه عن ابن أبي الدنيا قال: أن رجلا رأي رسول الله (صلي الله عليه وآله) في منامه وهو يقول: امض إلي فلان المجوسي وقل له: قد أجيبت الدعوة، فامتنع الرجل من أداء الرسالة لئلا يظن المجوسي أنه يتعرض له طالباً مساعدة أو مالاً، وكان الرجل المجوسي في دنيا وسيعة.
فرأي الرجل رسول الله (صلي الله عليه وآله) ثانياً وثالثاً، فأصبح فأتي المجوسي وقال له في خلوة من الناس: أنا رسول رسول الله (صلي الله عليه وآله) إليك وهو يقول لك: قد أجيبت الدعوة.
قال المجوسي له: أتعرفني؟
قال: نعم.
قال: إني أنكردين الاسلام ونبوة محمد.
قال: أنا أعرف هذا، وهو الذي أرسلني إليك مرة ومرة ومرة.
فقال المجوسي: أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله (صلي الله عليه وآله).
ثم دعا المجوسي أهله وأصحابه فقال لهم: كنت علي ضلال، وقد رجعت إلي الحق فأسلموا فمن أسلم فما في يده فهو له، ومن أبي فلينتزع عما لي عنده، فأسلم القوم وأهله، وكانت له ابنة مزوجة من ابنه علي طريقة المجوس بينهما. ثم قال للرجل الذي نقل له ما رآه في رؤياه الصادقة وقول رسول الله (صلي الله عليه وآله) له.
قال: أتدري ما الدعوة؟
فقلت له: لا والله، وأنا أريد أن أسألك الساعة عنها.
فقال: لما زوجت ابنتي صنعت طعاماً ودعوت الناس، فأجابوا وكان إلي جانبنا قوم أشراف - يعني من الذرية المحمدية - فقراء لامال لهم: فأمرت غلماني أن يبسطوا لي حصيراً في وسط الدار.
فسمعت صبية تقول لامها: يا أماه قد آذانا هذا المجوسي برائحة طعامه فأرسلت إليهن بطعام كثير، وكسوة ودنانير للجميع.
فلما نظرن إلي ذلك قالت الصبية للباقيات: والله ما نأكل حتي ندعوا له.
فرفعن أيديهن وقلن: حشرك الله مع جدنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأمن بعضهن فتلك الدعوة التي أجيبت.