البث المباشر

يد الغيب -۱

الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 - 11:16 بتوقيت طهران

اذاعة طهران – قصص من الحياة : الحلقة : 17

 

لم يقر لي قرار مذ قرأت ذاك الحديث الشريف بعث فيَّ شعوراً جامحاً بالمقت لنفسي وطالما خاطبتها بكل قسوة بعد ويلك يا نفس كيف استحوذ عليك شيطان الرياء الى هذا الحد لقد فضحك حديث علي عليه السلام فعرفتك مرائية بكل معنى الكلمة!
أليست الصفات التي ذكرها للمرائى مجتمعة فيك تفكرت في حالك فوجدت كل تلكم الصفات راسخة فيك، اجل لقد عرفتك منذ قرأت في مواعظ علي قوله عليه السلام: ثلاث علامات للمرائي ينشط اذا رأى الناس ويكسل اذا كان وحده ويحب ان يحمد في كل اموره فمن أي من هذه العلامات تخليت كي احسن الظن بك؟!
ألست تنشطين للقيام بالعبادات على اكمل ظاهر تستطيعين اذا كنت بمرأى من الآخرين ومسمع افترغبيني في القيام بصالح الاعمال ومراقبة حركاتي وسكناتي؟ اتنكرين اندفاعك المحموم لضبط تصرفاتك في حضور الآخرين؟! هذه هي العلامة الاولى للمرائي وهي ظاهرة فيك متجلية.
اما العلامة الثانية فهي فيك اوضح وكم عانيت منك بسببها فكلما خلوت بك بعيداً عن الناظرين وقمت للعبادة وجدتك معرضة مستعصية تتكاسلين عن القيام بايسر شروطها وتجفلين عن القيام بابسط مندوباتها تغريني بالاقتصار على ادنى واجبها وتستثقلين حتى هذا الادنى، اذا بادرت لصدقة السر او اعانة احد بعيداً عن علم اخر الفيتك تثبطيني عن ذلك بالف حيلة والف عذر اما اذا كانت صدقة على احد بحضور اخرين قل اعتراضك وكثر تشجيعك كلما كان الحضور اكثر.
اما العلامة الثالثة فما اشد ظهورها فيك ما اشد حبك لان يمدحك الاخرون ويثنون عليك تفرحين للمدح فرح الطفل باحب ما يهدى اليه واحب مايأنس به حتى لو كان فيه مصرعه فكان مدح الآخرين كاذباً كان او صادقاً يزكيك ويوصلك الى المقام المحمود غافلة عن ان بعض المدح قاتل مدمر ألم يجعلك كثير من المدح تركنين الى الغرور ويوهمك بانك خالية من كل عيب ويجعلك تتقاعسين عن أي عمل للاصلاح، ألم يدفعك الاغترار بمدح المادحين مراراً الى العزة بالاثم عندما ينبري صديق محب او اخ ناصح مشفق الى تذكيرك ببعض ما لا ينبغي ان تقعي فيه من ذمائم الافعال طالما الفيتك تحزنين لاقل نقد يوجه اليك حتى لو كان فيه تنبيه الى نقص واضح تتلبسين به لكنك تطيرين فرحاً عندما يذكرك احد بخير حتى لو لم يكن فيك وتحبين ان تحمدي حتى على ما لم تفعلي ولكن اليست هذه من صفات المنافقين.
حمدت الله تبارك وتعالى على ان هداني لتلك الموعظة العلوية البالغة التي عرفني بها امير المؤمنين عليه السلام نفسي وعرفني بتلك العلامات التي كشفت بها انها اسيرة من حيث لا ادري لمرتبة من مراتب الشرك فقد كنت اعلم من هداية اهل البيت النبوي ان الرياء بمختلف اقسامه هو من الشرك الخفي الذي كان رسول الله الحبيب محمد صلى الله عليه واله اشد مايخافه على امته وانه وصفه بانه نمط من مخادعة الله فقد قال صلى الله عليه واله فيما رواه عنه حفيده الامام الصادق عليه السلام: النجاة في ان لا تخادعوا الله فيخدعكم فانه من يخادع الله يخدعه ويخلع منه الايمان ونفسه يخدع لو يشعر فقيل له وكيف يخادع الله؟ قال يعمل بما امره الله ثم يريد به غيره فاتقوا الله واجتنبو الرياء فانه شرك بالله.
حمدت الله عز وجل على ان هدتني تلك الموعظة العلوية البالغة الى معرفة هذا الشرك الخفي الذي يحبط عملي من حيث لا ادري ولكن لم يقر لي قرار اذ ارقني واقلقني التفكير في سبيل النجاة من هذا الشرك الخفي الذي عرفته في نفسي محبطاً لعملي كيف الخلاص منه وكيف النجاة.
لقد عرّف علي عليه السلام بطل هذه القصة بدائه وايقظه من الغفلة فمن سيهديه الى الدواء ويهديه الى طريق الخلاص ويخلصه من هذا القلق الذي سيطر عليه، هذه الاسئلة نضيفها الى اسئلة صاحبنا وندعها عندكم الى موعد لقاءنا في الحلقة القادمة حيث نجتمع معاً على بركة الله لنتابع الاستماع الى بقية القصة نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة