كانت القافلة تقطع طريق عودتها من زيارة العتبات المقدسة في العراق الى مدينة همدان الايرانية عندما احاطت بها خيول مجموعة من قطاع الطريق، الطرق لم تكن آمنة يومئذ ولم يكن قطع الطريق صعباً فالبلاط القاجاري كان غارقاً في ملذاته فابعد ماكان يفكر به تأمين الطرق للمسافرين، والفقر الشديد في ايران نشر عصابات قطع الطريق في ارجائها.
طرق قوافل الزوار كانت محفوفة بالمخاطر ولكن الشوق لزيارة المراقد المطهرة تحدى المخاطر واستمرت القوافل في زيارة العتبات المقدسة مثلما تحدى اسلافهم ظلم المتوكل لزوار الحسين عليه السلام وقطعت في سبيل ذلك الكثير الكثير من الايدي والارجل، لم يجد الزوار جدوى من المقاومة ولم يجدوا بداً من التسليم وهم يسمعون احد السراق يقول، لن يصلكم منا اذى ان التزمتم الهدوء وسلمتم ما لديكم الينا سوقوا محامل الامتعة واجمعوها هنا لنسمح لكم بعدها بمواصلة طريقكم الى همدان، جمع قطاع الطريق امتعة الزوار جميعاً وكان فيها متاع رجل عالم اشتمل على كتاب عزيز عليه فقد تحمل في تأليفه الكثير من المشاق وصرف لاجله شطراً من عمره فقال لاحدهم ان في متاعي يا ولدي كتاباً لا نفع لكم فيه فاعيدوه لي وخذوا سائر المتاع هبة مني حلالاً لكم وليس سرقة محرمة.
رق الشاب لما سمعه ولم يغب عنه ان الحلال خير له من الحرام ولكنه اعتذر رغم ذلك عن الاستجابة لطلبه: عذراً يا سيدي لا اقدر على الاستجابة فلا يمكنني التصرف بشيء الا باذن رئيسنا سأل العالم عن الرئيس فاخبروه انه في مقرهم في مغارة خلف الجبل ان شئت تعال معي اليه واطلب منه الكتاب فلا اظنه يبخل به عليك ذهب العالم معهم الى المقر وهو يفكر في الكلمات المناسبة لاقناع رئيس السراق باعادة كتابه اليه وقد ارتسمت في ذهنه هيئة هي المتعارفة لـ "كبير اللصوص" ولكن الصورة التي حملها في ذهنه انهارت سريعاً عندما دخل المقر فقد راى العجب عندما دخل المقر لم ير فيه الا رجلاً قائماً يصلي فعجب مما راى وتصوره في اقرب الاحتمالات اسيراً عندهم اسروه وشرطوا جائزة او فدية لاطلاق سراحه فسألهم عن امره فاجابوا: أي اسير تعني ان هذا هو رئيسنا الذي اخبرتك عنه!
لم يكن اليسير عليه ان يصدق ما رأى وسرح ذهنه يفكر في وجوم عن تفسير الامر فقطع تفكيره صوت كبير السراق وهو يسأل عن القادم الغريب بعد ان اتم صلاته لماذا خئتم بهذا الرجل الى هنا ومن هو سأل باستغراب اثارته هيئة القادم الغريب فلم يصعب عليه ان يعرف انه من رجال الدين بادر العالم الى الاجابة على سؤاله ليدفع عن الآخرين احراجاً او عقاباً تصور ان الرئيس سيلحقه باتباعه فقال: انا طلبت منهم ذلك يا ولدي ففي متاعي كتاب عزيز عليَّ اريد ارجاعه اليّ فلا نفع لكم منه وفي المقابل اهبكم عن رضا متاعي كاملاً حلالاً لكم.
هل سيرضى رئيس اللصوص بهذا العرض السخي اما سيرفض وهل سيعرف العالم سر صلاة رئيس اللصوص وهو فيما هو فيه من الكسب الحرام، الاجابة على هذه الاسئلة اعزائنا سنجدها ان شاء الله في القسم الثاني والاخير من هذه القصة الذي سيأتيكم غداً في مثل هذا الوقت فالى حين موعدنا غدا نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******