انها المرة الاولى التي يدعوه فيها والده الى الاستيقاظ سحراً والخروج معه لزيارة حرم امير المؤمنين عليه السلام والتهجد فيه انتظاراً لصلاة الفجر.
استغرب الشاب من والده هذه الدعوة واستغرب منه اصراره عليها اذ لم يكن قد اعتاد من والده مثل ذلك كانت سيرته معه منذ ايام صباه الاولى ان يأمره بالفرائض بعد ان يرغبه فيها ويعرفه ببعض اسرارها وكثرة بركاتها اما النوافل والمندوبات فلم يكن من سيرته ان يأمر بها بل ولا ان يدعوه لها صراحة، اجل كان احياناً يعرفه ببعضها ويمدح القائمين بها ويقص عليه قصص اصحابها من السباقين للخيرات ولكن دون ان يأمره بها او يعاتبه على تركها فما الذي دعاه الى تغيير سيرته هذه المرة.
سرح ذهن الفتى مراجعاً سيرة والده باحثاً فيها عن جواب لسؤاله ما هو سر التغيير الذي شاهده الليلة في تعامل والده لقد كان يسره ما يجده في سيرة والده من الاعراض عن الامر الصريح له بالقيام بالمندوبات والاعراض عن تانيبه اذا تركها فقد كان الفتى يانس بهذه الطريقة الكريمة ويستشعر بلذة روحانية لا توصف عندما يقبل على القيام بهذه المندوبات او ببعضها وهو يحس بانه يؤديها عن اختيار كامل وطواعية كريمة دون كره او اكراه تلجلج السؤال في صدره مراراً.
ان القيام في الاسحار والتهجد والخروج الى الحرم في السحر ليس بفريضة فلماذا امرني والدي هذه الليلة بالاستعداد للذهاب معه الى الحضرة العلوية ودون حتى سابق انذار.
استذكر الفتى ما كان يحدثه والده عنه من بركات التهجد في الأسحار وبركات الذهاب لصلاة الفجر في تلك الخضرة المنورة حضرة مولى الموحدين علي بن ابي طالب عليه السلام منذ فتح عينيه وادرك ماحوله الف الفتى والده وهو يخرج كل سحر الى الحضرة العلوية يزورالمولى ويتهجد في جواره ويقيم صلاة الفجر عنده لايعيقه عن ذلك برد الاسحار النجفية القارص ولا ظلامها الدامس ولا طول الوقوف على ابواب الحضرة العلوية حتى يفتحها خدامها قبيل الفجر.
سائل الفتى نفسه ثانية لعل والدي سام تقاعسي عن مرافقته في هذا الورد السحري فاضطر الى تغيير سيرته وامرني بمرافقته ولكن ما جدوى ذلك لي فلن يدفعني لمرافقته سوى حرصي على طاعته اجل لن احظى بشيء من بركات ذلك اذ لا اجد في نفسي طاقة على ترك لذة النوم وتحمل مشقة الخروج الى الحرم في هذا البرد القارص فلماذا امرني بذلك وانا لم اعهد منه الا الحكمة والرفق في فعاله، قطعت خطوات الوالد سلسلة افكار الفتى وهو يتوجه الى غرفته فكانه بفراسة المؤمن عرف ما يجول في ذهن ولده فجاء ليجيب على اسئلته نهض الفتى مستقبلاً والده فقال له بكلمات مفعمة بالمودة والرأفة: انما دعوتك يا ولدي لمرافقتي في هذه الرحلة السحرية لكي اريك شيئاً طريفاً للغاية اثارت هذه الكلمات الحانية الشوق في قلب الفتى فاندفع متسائلاً! واي شيء هو يا ابي اجاب الوالد باللهجة الودودة نفسها: شخص اراه في كل ليلة في طريقي الى الحرم وقد عز عليَّ ان احرمك من ان تراه انت ايضاً فاخلد الى النوم والاستراحة ودع التفكير بالامر الان حتى اوقظك في السحر لتراه بنفسك.
استيقظ الفتى في السحر من تلقاء نفسه قبل ان يوقظه ابوه فقد وجد في نفسه نشاطاً لذلك بعثه شوقه لمعرفة ذلك الشخص الغريب الذي عز على ابيه ان يحرمه من رؤيته بعد ان اسبغ وضوءه اخذ يستعد للخروج مع والده الى الحضرة العلوية المطهرة كان قد استحوذ على ذهنه التفكير في هوية هذا الشخص ومن تراه يكون وما هي الخصوصية التي يمتاز بها بحيث دفعت اباه الى دعوته الى هذه الرحلة السحرية في الشتاء النجفي القارص البرد لمجرد رؤية هذا الشخص قال الفتى في نفسه لاريب ان لهذا الشخص ميزة مهمة للغاية والا لما دعاني والدي الحكيم لرؤيته وفي هذا الوقت بالذات. نترك الفتى مع اسئلته لنتابع القصة في القسم الثاني والاخير من هذه القصة التي يرجع تاريخ وقوعها الى قرابة القرن من الزمان.
*******