وصلى الله علي خير خلقه محمد المصطفي وعلى آله الطيبين الأطهار.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا راجين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
سافر العالم العابد المرحوم الشيخ ميرزا احمد الكافي اليزدي قاصداً زيارة مرقد الامام الرضا (عليه السلام) وهناك طلب منه بعض المؤمنين ان يقيم عندهم، وبعد اصرارهم الشديد وافق على البقاء، وبعد مدة اصيب بألم في عينيه وانتهى به الحال العمى فراجع الأطباء في مشهد ولكنه لم يحصل على علاج.
يقول الشيخ: فلما يئست من الأطباء قلت لنفسي: انني جئت الى مدينة مشهد المقدسة لمجاورة الامام الرضا (عليه السلام) كما جاور اخي الحاج ميرزا حسن مرقد الامام علي (عليه السلام) في النجف الاشرف ثلاثين عاماً، فهل يصح ان اكون هنا فاقد البصر اعتمد العصا او من يأخذ بيدي الى حرم الرضا (عليه السلام)؟
فذهبت الى الحرم الرضوي الشريف - والكلام مازال للمرحوم الشيخ الكافي اليزدي- وجلست مقابل الضريح وجهاً لوجه مع الامام الرضا (عليه السلام) متضرعاً الى الله تبارك وتعالى وانا اقول للامام الولي: سيدي جاءك - العميان- من بلادهم فرجعوا من حضرتك وهم يبصرون، وانا جئتك ببصري لأجاورك فاصبحت اعمى، فهل هذا من حسن ضيافة الأولياء للغرباء يا مولاي؟! وهكذا وبينما كنت ابكي واتضرع واعاتب، عرضت علي حالة غفوة فصرت كأني أرى راكباً يقترب مني على ناقة حتى دنا مني وقال: تحرك يا شيخ.
ويستمر الشيخ اليزدي في سرد حكايته المؤثرة قائلاً:
قلت: دعني افصح عن المي واملي.
قال: تقصد الم عينيك؟
قلت: نعم.
قال: خذ هذه العصابة وامسح بها عليهما، فأخذتها واخرجت ما فيها ومسحت به على عيني، فانفتحتا وعاد اليهما النور. ولم يعد للشيخ الم العين الى آخرعمره الذي قضاه في سبيل الله وخدمة الاسلام حيث انتقل الى رحمة الله تعالى ليلة الاثنين من منتصف شهر رجب المبارك سنة 1389 للهجرة المصادف لوفاة سيدتنا زيب بنت علي (عليهما السلام) وقيل: انه في اللحظات الاخيرة من حياته - عند الاحتضار- قال ثلاثاً: «السلام عليك يا ابا عبد الله».
روى فضيلة حجة الاسلام الشيخ محمدي - وهو من علماء مدينه مشهد المقدسة: انه رافق المرجع الورع آية الله الشيخ بهجت حفظه الله شهر ربيع الاول سنة 1417 للهجرة الى لقاء العظيم العارف آية الله الشيخ مرواريد رداً على زيارته له، فمما سمع من العالمين الجليلين قصة نقلها الشيخ بهجت انه في سنوات سابقة التقى بخطيب من مدينة رشت الايرانية فاخبره ذلك الخطيب الحسيني قائلاً: انه كان ومايزال عند ارتقائه المنبر يسلم اولاً على ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) فإن سمع منه الجواب واصل قراءته للحاضرين، وان لم يسمع الجواب نزل من المنبر واعتذر لهم.
يقول الشيخ بهجت: فسألته: كيف بلغت هذا المقام بحيث تسمع جواب سلامك من الامام (عليه السلام)؟
قال: كنت في السابق اصعد المنبر في بيت احد المؤمنين وكان يصعد قبلي بساعة خطيب افضل مني علماً والقاء وصوتاً وانا أراقب نفسي، فكلما خطر في قلبي حسد تجاهه عاقبت نفسي بالامتناع عن صعود المنبر اربعين يوماً وبهذه المراقبة والمحاسبة والمعاقبة روضت نفسي حتى اصبحت اسمع جواب سلامي على الحسين (عليه السلام).
نتمني هذا المقام الرفيع لكل السالكين الى الله عزوجل.
درس العلامة الشيخ مرتضى الأنصاري (رضوان الله تعالى) في بداية شبابه عند المرحوم شريف العلماء في حوزة كربلاء المقدسة، ثم عاد الى بلدته - شوشتر- الايرانية فلم ترض أمه برجوعه الى كربلاء لمواصلة الدراسة- ولعل السبب الرئيس هو عدم تحمل الأم لفراق ولدها وخوفها عليه
فألح الشيخ الأنصاري - المحب للعلم والدين- على والدته كثيراً، ولكن دون جدوى وأخيراً وافقت على الاستخارة بالقرآن الحكيم، فان كانت الآية تكشف عن جودة ذهاب ولدها وافقت على سفره، وإلا فلا!
فاستخار الشيخ الانصاري فظهرت الآية الكريمة: «ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين».
ففرح الشيخ كثيراً لهذا اللطف الالهي وشكر الباري تعالى ووافقت امه على سفره. فذهب الشيخ - اعلى الله مقامه- وصار بعد ذلك من كبار العلماء والمراجع المتقين الذين آلت اليهم الرئاسة الكبرى للمسلمين الشيعة في العالم.
وختاماً ايها الافضل ايتها الفاضلات شكراً لكم على حسن المتابعة. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.