وصلى الله علي سيدنا وحبيب قلوبنا محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم - ايها الاكارم- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين آن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
روي ان العالم الورع المرحوم الشيخ ابراهيم كلباسي كان يستخير الله تعالي في مختلف الاعمال والاوقات، وذات مرة دعاه احد المؤمنين الى مائدة ودعا على شرفه جمعاً من الاشخاص والوجهاء، فوافق الشيخ وهو ناس للاستخارة كما كانت عادته، ولكنه تذكرها قبل ان يحين الموعد، فاستخار وجاءت خيرته للذهاب الى الدعوة غير جيدة.
فاعتذر الشيخ للرجل عن المجيء الا ان عدم الارتياح ظهرت على وجه الرجل وقال: انا دعوت اولئك المؤمنين على شرفك فكيف اخبرهم الآن بانتفاء الدعوة، وكأني بك - القاريء الكريم- ترفع صوتك على الشيخ تضامناً مع شعور صاحب الدعوة فتقول: اهذا وقت الاستخارة يا شيخ؟! ولكن الشيخ (رحمه الله) تدارك الموقف وقدر احساس الرجل فقال له: اذن قل لهم ان الدعوة قد انتقلت الى بيتنا فأتوني جميعاً، وكان هذا هو الحل الوسط حيث لا ينفي الدعوه فينحرج الرجل مع المدعوين ولا يخالف الشيخ استخارته.
والعجيب بل المدهش انه وبينما كان المدعوون قد انتهوا من تناول الطعام في بيت الشيخ واذا بنبأ يداهمهم وهو ان سقف الحجرة في بيت الرجل الداعي والتي كان يفترض جلوس الضيوف فيها قد سقط وانهارت الحجرة، وحينها رفع الجميع ايديهم بالدعاء والشكر لله تبارك وتعالى لانهم لم يكونوا تحت ذلك السقف، وبالطبع قبلوا يد الشيخ الورع كلباسي وزاد اعتقادهم في استخارته.
توقفت دقات قلب احد المؤمنين فجأة فاعتبروه ميتاً، والميت كما هو معلوم يؤخذ الى المغتسل وهناك يكفن ويصلى عليه ثم يحمل الى المقبرة ويدفن اليس كذلك؟ بلى.. ذلك ما حدث للعالم الجليل الشيخ امين الدين الطبرسي - صاحب تفسير مجمع البيان المعروف-.
الا ان الفرق بين الشيخ وبين غيره من الاموات هو انه فتح عينه في القبر فوجد نفسه مدفوناً فنذر لله تعالى هناك، ان انجاه الله عزوجل وخرج حياً كتب تفسيراً للقرآن الكريم فما هي الا دقائق واذا بنباش كان يحفر القبر ليسرق كفن الشيخ!
واستمر النباش في نبشه حتى وصل الى جسد (المتوفى) فأخذ يفتح الكفن (الغالي) انه يدر عليه ثمناً جيداً في السوق! ولكن كادت روح النباش تزهق عندما امسك الشيخ بيده وسرعان ماطمأنه قائلاً: لا تخف هذه قصتي ولقد استجاب الله نذري ودعائي فاذهب الى بيتي وآتني بثيابي وسأعطيك اكثر مما تريد على ان لا تعود الى نبش القبور مرة اخرى فانه عمل محرم.
وهكذا رجع الشيخ الطبرسي (رضوان الله تعالى) الي البيت وسط استغراب الجميع، فقام بتأليف كتابه في تفسير القرآن الكريم وفاءً للنذر ويعد كتابه الآن من اهم كتب المسلمين في التفسير ثم انه انتقل الى رحمة الله الواسعة شهيداً في التاسع من شهر ذي الحجة سنة 548 الهجرية وذلك في هجوم شنه المتمردون على السلطان السلجوقي في خراسان فقتل هذا الشيخ الجليل وجمع من الناس ودفن جثمانه الطاهر في جوار مرقد الامام الرضا (عليه السلام).
سمع العالم الورع (ملا محسن فيض الكاشاني) (رضوان الله تعالى) حينما كان شاباً يعيش في مدينة قم المقدسة ان عالماً جليلاً اسمه (السيد ماجد البحراني) يدرس العلوم الاسلامية في مدينة شيراز، ففكر ان يهاجر اليه ليكتسب منه العلم فاستخار اولاً بكتاب الله الحكيم فظهرت الآية الشريفة: «فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون».
ثم تفاءل الفيض الكاشاني (اعلى الله مقامه) بقراءة اشعار منسوبة للامام علي (عليه السلام) فظهرت الابيات التالية:
تغرب عن الاوطان في طلب العلى
وسافر ففي الاسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
وكان ذلك من جميل التوافق وروائع (الصدف) وهكذا شد الرحال الى السيد ماجد البحراني ودرس عنده حتى اصبح من كبار علماء الدين. وكانت وفاة الفيض الكاشاني في سنة 1091 للهجرية.
وختاماً ايها الاكارم شكراً لكم على حسن المتابعة. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.