والصلاة والسلام علي محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم - أيها الأكارم- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاعزاء: قال فضيلة الشيخ محسن قرائتي في حديث له عبر تلفزيون الجمهورية الاسلامية نقلاً عن نجل الامام الخميني السيد أحمد (رحمه الله) إن الامام الراحل (رضوان الله تعالى) كان يجلس قبل اذان الصبح بساعتين لصلاة الليل والدعاء ومما كان عليه الامام في تهجده آناء الليل بكاؤه الكثير حتى ان مناشفه كانت تبتل فيستبدلها بمناشف اخرى.
واما بكاؤه في مصائب اهل البيت (عليه السلام) فقد كان الخطيب الحسيني البارع المرحوم السيد الكوثري يأتيه حجرته فيقرأ اشعاراً في رثائهم فيجهش الامام بالبكاء عالياً.
هكذا كان (رحمه الله) رقيق القلب سريع العبرة في عباداته الخاصة وولائه الشديد للمظلومين من آل محمد (صلوات الله عليه وعليهم اجمعين).
كان العالم الكبير آية الله العظمي السيد حسين القمي (رضوان الله تعالى) من كبار علمائنا المجاهدين وقد اخرج من ايران الى العراق بسبب معارضته لنظام الطاغية رضا شاه في قضية الحجاب، وقد نقل عن هذا العالم الجليل ان احد كبار التجار جاءه في احدى المرات وكان من الذين يقدمون له العون المالي في ادارة شؤون الحوزة العلمية، قال له: يا سيدي (أطال الله عمرك) هل ترجعون الناس من بعد وفاتكم في المسائل الاحتياطية الى العالم الفلاني؟
وكان ذلك العالم هو احد تلاميذ السيد القمي، وكان الوقت آنذاك عصراً، فلم يجب السيد في الحال - ولعله كان يقصد التدبر في الموضوع ومدى اهلية الرجل لتسلم مقاليه المرجعية.
وبعد ان تدبر في هذا الموضوع عرف ان أناساً ذهبوا الى ذلك التاجر وهم يخططون للمرجعية القادمة وكان قد وقع اختيارهم على ذلك العالم فلم يجدوا شخصاً أفضل من هذا التاجر للتأثير على السيد القمي. والمدهش في الأمر - مستمعي الكريم- انه في وقت متأخر من الليل خرج السيد المرجع الى بيت ذلك التاجر فسأل عنه، فقالوا: انه تائم، فقال لهم: ايقظوه لأنني جئت اليه في عمل ضروري.
فخرج التاجر مستقبلاً السيد القمي وهو متعجب من مجيئه في ذلك الوقت المتأخر من الليل، فقال له السيد: لقد جئت لأجيبك على السؤال الذي سألتنيه عصر اليوم وهو ان المرجعية لا تكون لذلك الشخص، فانزعج التاجر وقطع العلاقة التي كانت تربطه بالسيد وصار يشهر العداء له.
وحينما قال بعضهم للسيد القمي: فلو كنت اخرت الجواب الى الصباح لما آل الأمر الى هذا الحال فأجابهم: في الواقع لقد خفت ان اموت في الليل فلا يحصل الناس على رأيي الصحيح لأني عندما سألني التاجر عن ذلك العالم لم اجبه في حينه، ولعل بعضاً كان يستشف من سكوتي الرضا وحينما تأملت امر هذا العالم لم اجده افضل من غيره علماً واجتهاداً ولأن هذا التاجر تربطني به علاقة وثيقة وانا بحاجة اليه فان من الممكن ان يوسوس لي الشيطان في أن احفظ مصالحي معه واقول له غير الحق، ولذلك قررت الذهاب اليه في تلك الساعة لكي احسم هذا الأمر.
نقل احد تلاميذ الشيخ رجب علي الخياط (رضوان الله تعالى) ان سماحته كان يقول: لا تأتيكم مصيبة من غير سبب.
وفي احدى المرات شج رأسي فذهبت برفقة احد الاصدقاء الى الشيخ، وقال له صديقي: انظر ما العمل الذي: فعله وادى الى شج رأسه؟
فتوجه الشيخ ثم قال: لقد تشاجر مع صبي في المصنع.
يستمر تلميذ الشيخ العارف قائلاً: عرفت ان كلامه كان صحيحاً فانا كنت اعمل في ثني الحديد وكان هذا الاختصاص نادراً والمتخصصون بهذه المهنة يتدللون على صاحب العمل، وفي احد الايام اعترض ابن صاحب العمل على عملي وكان اعتراضه صحيحاً لكنه لا يتعلق به، فوقفت بوجهه واغلظت له في الكلام حتى بكى.
فقال الشيخ الخياط: اذا لم تسترضه فسيطول بلاؤك. فذهبت اليه واعتذرت منه.
مستمعينا الأفاضل: تحت عنوان - من أعمال الحب- كتب احد الأساتذة يقول: ان التفاني في حب الشيء يتطلب تحمل الأتعاب لأجله وفي سبيله وان ولاية محمد وآل محمد أحب الأشياء عند شيعتهم المخلصين.
فواحد من مظاهر التفاني في هذا الحب الشديد ان يمشي انسان على قدميه مسافة اشهر مثلاً من جوار الامام الرضا (عليه السلام) الى جوار الامام علي (عليه السلام).
هذا ما قام به المرجع الديني الكبير (السيد عبد الأعلى السبزواري) (رضوان الله تعالى) لما كان شاباً في العشرين من عمره تقريباً، وكذلك فعل منطلقاً من النجف الى كربلاء لزيارة مرقد الامام الحسين (عليه السلام).
وفي ختام البرنامج نتقدم لحضراتكم - أيها الأعزاء- بالشكر الجزيل على حسن المتابعة وجميل الاصفاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.