بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم - ايها الاعزاء- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل: لقد تميز السيد عبد الأعلى السبزواري (رضوان الله تعالى) بأخلاق عظيمة وسجايا فريدة حتى ملك قلوب الناس ومن ثم احبته القلوب ورأت فيه تشبهاً بأخلاق المعصومين (عليهم السلام) الى درجة ان بعض الناس كانوا يبكون عندما ينظرون اليه. يقول عنه من عرفه: كان (رحمه الله) صامتاً لا يتكلم الا عند الحاجة، شديد الاحترام للعلماء والمشايخ كثير البكاء من خشية الله تعالى في جوف الليل كثير الحياء حتى في مرحلة شيخوخته.
وقد وصفه السيد ابو الحسن الاصفهاني (رضوان الله تعالى) في رسالة بعث بها الى والده بأنه - افرط في الحياء-، وكان عزوفاً عن المخالطة والأمور الدنيوية ولا يخرج الا لقضاء حقوق الاخوان وكان زاهداً في حطام الدنيا بحيث انه لم يملك منزلاً طوال حياته وقد جاءه يوماً احد التجار المؤمنين وعرض عليه شراء دار له فأمره السيد باعادة بناء احد المساجد المعروفة في النجف الأشرف ومات- رحمه الله- ولم يملك داراً.
وكان السيد عبد الأعلى السبزواري (اعلى الله مقامه) كريماً سخياً كأجداده الطاهرين (عليهم السلام) بحيث كان السائل يكتفي بعطائه فلا يقصد سواه، ومع ذلك فقد كان يشترط على من يعطيه ان لا يبوح بذلك، كما كانت له مساعدات في المشاريع الخيرية مع اشتراط عدم البوح بذلك وكان يأمر ولديه بإعانة الفقراء وخصوصاً طلاب العلم من دون اخبارهم ان المال من السيد (رضوان الله تعالى).
ونبقى مع المرحوم العلامة السيد عبد الأعلى السبزواري حيث ذكر انه كان يعيش على القروض والهدايا ولم يأكل من سهم الامام (عليه السلام) وأما تواضعه فقد كان مضرب المثل في ذلك حيث كان يغسل ثيابه بنفسه ويقوم بكنس مسجده بنفسه، وربما قرع باب داره فيقوم ليفتح الباب مع طلاقة الوجه وعذوبة اللسان، ومن تواضعه انه كان أول الداخلين الى مجلس الدرس كي لا يقف له احد من طلابه ولم يترك مجالاً من الوقت الا وكان يملؤه بالعلم حتى انه كان اذا جلس مع عائلته على الطعام حدثهم بالروايات الشريفة، وكان له درس في التفسير خاص بعائلته.
وكان رحمه الله يتعامل مع المجتمع تعامل الوالد الحنون مع اولاده فكان يتفقد احوال الفقراء والمحتاجين من الطلبة وغيرهم، وينقل عنه آية الله السيد علي السيستاني (حفظه الله) بانه كان كثير الاعتناء بالطلبة والمشتغلين خصوصاً من كان حديث عهد بالنجف الاشرف وكان السيد السيستاني ممن شملتهم عناية السيد ابان مجيئه الى النجف الاشرف.
ويقول عنه السيد الطالقاني (رحمه الله): وقد زهد في الدنيا زهداً منقطع النظير لم يعهد مثله الا عند الاوائل من رجال السلف، فقد كان لا يعتد بالمال والجاه بل قنع بالقليل من كل شيء، لم يكترث بما يأكل ويشرب ويلبس ويفترش حتى اواخر أيامه وكان أثاثه متواضعاً جداً «ومظهره بسيط للغاية»، وقد كتب لي شرف التعرف عليه منذ الصغر ولا أزال اذكر انه كان قبل اكثر من نصف قرن من «الذين يمشون على الارض هوناً» وكان يلوذ في مشيه بجانب الزقاق متواضعاً في رواحه وغدوه من البيت الى المسجد الذي يصلي فيه الى حرم امير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان يزوره ليستمد من روحه ويجدد العهد على الاستقامة حتى الانتقال الى دار الاقامة.
ويستمر المرحوم السيد الطالقاني بالحديث عن استاذه السيد عبد الأعلى السبزواري (طيب الله ثراهما) قائلاً: وكان يتميز بالهدوء والتواضع فاذا سلم عليه احد وقف احتراماً له كبيراً كان او صغيراً، وجامله وعلى فمه علت ابتسامة موقرة بريئة، واشهد الله تعالى والرجل غني عن ثنائي وشهادتي انه استمر على ذلك منذ اليوم الأول الى اليوم الذي فارقته فما رأيته مزهواً ولا متبختراً ولا راغباً في الظهور والبروز او طالباً للجاه والعنوان، بل لاحظت انه بعد ان تقدم به العمر والمقام وعرف في الأوساط كافة وصار له مقامه بين الجمهور كان يخرج من البيت او المسجد وخلفه بعض طلابه أو المؤمنين او احد ابنائه فكان يبدو طبيعياً مترسلاً لا يفرق بين ذلك المظهر وبين ما اذا كان يمشي منفرداً ومن اجل ذلك احبه الناس وتعلقوا به وقدسوه.
فسلام عليه وعلى امثاله من رب العالمين وحشره سبحانه وتعالى مع اجداده الطاهرين في جنان الخلد وحسن اولئك رفيقاً.
وقبل الوداع نتقدم لحضراتكم - أيها الأعزاء- بالشكر الجزيل على حسن المتابعة لهذا البرنامج الذي يعرفنا بنفحات من اخلاق اولياء الله والصالحين وجزاكم الله خير الجزاء.
والى ان نلتقي مع من اخلاق الأولياء نستودعكم الرؤوف الرحيم والسلام عليكم.