والصلاة والسلام على صاحب الخلق العظيم محمد المختار وعلى آله الطيبين الأبرار.
السلام عليكم - ايها الأكارم- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا، آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
كتب أحد الكتاب المعاصرين تحت عنوان - رسالتان الى المعنيين بهما- مايلي:
الرسالة الأولي: هل تعلم أن الامام الخميني (رضوان الله تعالى) كان في درجة من الزهد وبساطة العيش حيث لم يملك لنفسه داراً رغم امتلاكه أعلى سلطة في ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية فيها بقيادته؟ فقد عاد الامام منتصراً على حب الدنيا قبل انتصاره على الاستكبار وعميلهم الشاه حيث استأجر في قرية جماران شمال العاصمة طهران بيتاً من أحد مقلديه ومحبيه اذ قال للامام: خذ البيت هبة وهدية فأبى الا ان يكون مستأجراً وبذلك فرض على التاريخ أن يحمل رسالته الى جميع الملوك والحكام كيف يملك الحاكم السلطة في بلد غني كأيران ولكنه يزهد حتى لا يمتلك لنفسه بيتاً.
واما الرسالة الثانية: ذات يوم أراد الممن صورون ان يسجلوا فيلماً عن حياته او يجروا معه مقابلة فاضطروا الى ثقب ثلاثة مواضع في السقف لتعليق الضوء الكشاف لأجل انارة الغرفة وفي الصباح لما دخل الامام الخميني (رضوان الله تعالى) الغرفة ورأى تلك الثقوب تغير وجهه وقال غاضباً: ما هذا لماذا فعلتم هكذا في بيت الناس؟
فقال الحاضرون بصوت مؤدب: انه لأجل الانارة.
قال الامام: لماذا تصرفتم بدون اجازة صاحب البيت؟
وبهذا الموقف الصارم في رعاية حقوق صاحب البيت ألغى الامام مقابلته رغم أنهم لو كانوا يستجيزون صاحب البيت لكان حتماً يرحب بذلك دون أدنى تردد، الا ان الامام )رحمه الله( اراد ان يترك رسالة للتأريخ فهل يقرأها المعنيون؟
الزهد والتواضع صفتان لازمتا الأنبياء والأئمة والعظماء طوال التاريخ وها هو تلميذ الامام الخميني (رضوان الله تعالى) وسليل الأنبياء والمعصومين السيد الخامنئي (حفظه الله) يعلمنا معنى الزهد والتواضع بسيرته وعمله ويعتبر سماحته من الزهاد والمتواضعين الحقيقيين بحيث ان الزهد والبساطة يحكمان حياته الشخصية الى درجة لا يمكن للناس تقبل وتصديق ذلك احياناً.
ففي أيام تصديه لرئاسة الجمهورية قال له احد نواب مجلس الشورى ان المشرفين على برنامج - الأخلاق في الأسرة- يرغبون في اجراء مقابلة معكم ومع عائلتكم لعرضها للناس على شاشة التلفزيون ان سمحتم بذلك. تأمل سماحته قليلاً ثم قال: لكن هناك مشكلة فقال له النائب: وما هي؟
قال: قد لا يصدق الناس أن حياتي الشخصية بسيطة وعادية لو عرض عليهم فيلم عن ذلك.
ذكر احد العلماء انه رافق المرجع الديني الكبير المرحوم آية الله العظمى السيد البروجردي (رضوان الله تعالى) الى منطقة المياه المعدنية الساخنة قرب مدينة - محلات - حيث تنفع تلك المياه لعلاج آلام العظام والمفاصل، وكان السيد مصاباً بألم في رجله، وبقينا عدة ايام هناك فلما علم الناس بوجود مرجعهم اقبلوا اليه بمجموعات كبيرة وكان أكثرهم فقراء.
فأمر السيد البروجردي (طيب الله ثراه) بشراء كمية من الأغنام وذبحها وتوزيع لحمها على اولئك الفقراء، فنفذوا الأمر وعزلوا شيئاً من اللحم يعملون منه كباباً للسيد وعندما وضعوا الكباب على المائدة اكتفى السيد بخبز ولبن وخيار ولم يمد يده الى الكباب.
فقالوا له: مولانا لقد أخذ الفقراء حصصهم لماذا لا تأكلونه؟
فأجاب السيد البروجردي (رضوان الله تعالى): من المستحيل ان آكل كباباً شم الفقراء رائحته.
قال المرافقون للسيد: فعافت انفسنا من اكل ذلك الكباب احتراماً للسيد وبالتالي صار الكباب كله من نصيب فقراء تلك المنطقة ايضاً.
نقل الأستاذ محسن بن جمعة عن بعض أحوال العارف السيد حسن المسقطي الموسوي (رضوان الله تعالى) فقال: ان احد التجار اهداه قماشاً من الصوف الكشميري الفاخر المطرز بالابريسم الحرير وكان عائداً في (الترام) الى بيته في مدينة ممبي، فأخذه السيد ونظر اليه ثم لف به جسد هندوكي كان يجلس امامه عرياناً، فانفعل التاجر وعاتب السيد بقوله: انا اعطيتك هذا القماش غالي الثمن لتغطي به جسدك واذا بك تعطيه لهذا الهندوكي؟
فرد عليه السيد: اذن انا حر في التصرف بما هو عائد لي.. أم تريد استرجاع هديتك؟
فقال التاجر خجلاً: لا يا سيدي انت حر في تصرفك.
روي ان ابن اخ الأحنف بن قيس جاء الى عمه يشكو كرباً أصابه، فأعرض عنه الأحنف، ثم عاد اليه شاكياً مراراً وهو يعرض عنه
فلما رآه لا يمسك قال له: يا ابن اخي اذا نزلت بك مصيبة فاشكها الى الذي يملك كشفها ولا تشكها الى المخلوقين فانما الناس منك رجلان اما صديق اساته واما عدو شمته!
وختاما - ايها الأفاضل- نشكركم على حسن المتابعة. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.