والصلاة والسلام على صاحب الخلق العظيم محمد المصطفى وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين أن تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الأعزاء: روى الذين عاصروا المحدث الكبير الشيخ عباس القمي (رضوان الله تعالى) صاحب كتاب - مفاتيح الجنان- انه كان على درجة عالية من الاخلاص والتقوى لذا كان المؤمنون يحرصون على ان لا تفوتهم الصلاة خلفه، فانتهز المرحوم القمي هذا التعاطف لخدمه المساجد واحيائها واعمارها.
فكان (رحمه الله) يقيم صلاته في أحد المساجد القديمة المهجورة فيجتمع فيها المصلون وعندما يكتظ المسجد بهم يقوم عدد من اهل الخير فيهم بالتبرع لإعمار ذلك المسجد القديم وترميمه، وما ان يتم بناؤه واصلاحه حتى ينتقل سماحته الى مسجد آخر لنفس الهدف، وبهذه الطريقة احيى المحدث القمي (بعون الله تعالى) عدداً كبيراً من المساجد المهجورة وملأها بالمصلين.
ذكر انه لم يكن في السابق مشاريع مياه وشبكات لأنابيب المياه كما هو عليه الحال اليوم بل كان الناس يعيشون على مياه الأنهار والآبار، ويستقون منها بالدلاء وقد روى المؤرخون قضية غريبة موثقة ومشهورة في الشيخ الصالح أحمد المعروف بالمقدس الأردبيلي وهي انه ذهب ليلة الى البئر ليستقي منها الماء فيتوضأ به ويصلي صلاة الليل، لكنه لما أخرج الدلو رآه مملوءاً بدل الماء بالأحجار الكريمة فصبها الشيخ الصالح في البئر وقال بتواضح: ان احمد يريد الماء لوضوئه وصلاته ولا يريد الأحجار الكريمة لتشغله عن صلاته وعن ذكر ربه، ثم ألقى الدلو في البئر واستقى مره ثانيةً واذا بالدلو يخرج مملوءاً بالأحجار الكريمة نفسها فصبها الشيخ المقدس في البئر ثانية وقال بتضرع:
يا رب ان احمد عبد يريد الماء لوضوئه وصلاته ولا يريد الأحجار الكريمة لتشغله عن ذكرك وعبادتك، ثم كرر العملية ثالثةً واذا بالدلو يخرج ايضاً مملوءاً بالاحجار الكرمية كما في السابق فألقاها العبد الصالح في البئر وهو يردد قائلاً:
«رحماك اللهم عبدك احمد يريد منك الماء لتنفله وتهجده وهو يستغيث بك، فأغثه بماء طهور يتوضا به، ثم استقى للمرة الرابعة واذا بالدلو في هذه المره يخرج مملوءاً بالماء، ففرح الشيخ الأردبيلي بذلك واخذ يتوضأ بكل شوق واقبال ليمتثل بعدها امام ربه ويقوم بين يديه للصلاة والعبادة».
سأل سماحة السيد كمال الحيدري (حفظه الله وتعالى) أستاذه الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (رضوان الله تعالى) قائلاً: لو سألكم احد كيف أصبح محمد باقر الصدر بمثل ما هو عليه الآن؟ فأجاب السيد الصدر (طيب الله ثراه): ان محمد باقر الصدر يساوي عشرةً بالمئة مطالعة وتسعين بالمئة فكراً.
وسأله السيد الحيدري ايضاً: في اليوم والليلة كم ساعة تطالعون؟
فأجاب السيد الشهيد: لا تسألني هكذا ولكن اسألني بشكل آخر، قل لي في اليوم والليلة كم ساعة كنتم مع الكتاب؟
ويقول السيد الحيدري: قلت له: ما الفرق بين السؤالين؟
قال: اذا سألتني كم ساعة تطالع؟
أقول لك: اطالع عشر ساعات أو ثمان ساعات ولكن اذا سألتني كم ساعة كنت مع الكتاب؟
اقول لك: ما دمت مستيقظاً فأنا مع الكتاب، كيف؟
الجواب: عندما اسير في الشارع اتامل مسألة اريد حلها وعندما اقف على القصاب ففي ذهني مسألة احاول حلها وعندما اجلس على الطعام للأكل ففي ذهني مسألة اريد حلها، وعندما استلقي على الفراش للنوم ففي ذهني مسألة اريد حلها، اذن كنت دائماً مع الكتاب فالكتاب كان يعيش معي واعيش معه.
أجل هكذا هم النوابغ من علماء الاسلام الربانيين الذين جعلهم الباري تعالى بعد الانبياء والأئمة (عليهم افضل الصلاة والسلام) نجوماً ومشاعل لهداية البشر على مر الأجيال وصدق من قال: ان المثل العليا كالنجوم قد لا نستطيع الوصول اليها ولكننا نهتدي بها.
فسلام من رب العالمين على كل العلماء المخلصين وحشرهم مع الشهداء والصديقين وحسن اولئك رفيقا.
وفي الختام ايها الاحبة الاكارم نشكركم على حسن المتابعة. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الرؤوف الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.