وصلى الله على حبيب قلوبنا وسيدنا محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ـ مستمعينا الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الافاضل: نقل الشيخ علي خادم سماحة آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري(رض) مؤسس الحوزة العلمية في قم المقدسة، نقل قائلاً: في منتصف ليلة من ليالي الشتاء الباردة كنت نائماً في ديوانية البيت، فسمعت طرقاً على الباب وعندما فتحته رأيت امرأة فقيرة تقول: ان زوجي مريض وليس لدينا دواء ولا غذاء ولا فحم للتدفئة، فقلت لها: في هذه الساعة من الليل لا يمكن مساعدتك، واني اعلم ان الشيخ ليس عنده مال هذه الايام فعادت المرأة حزينة قلقة "والكلام ما زال للشيخ علي" وكان الشيخ الحائري يسمع بعض الاصوات فناداني من غرفته، ولما عرف الموضوع قال لي: اذا سألنا الله تعالى يوم القيامة: لماذا خيبتم في هذه الساعة من الليل امرأة فقيرة كانت تأمل فيكم خيراً، فماذا يكون جوابنا؟ فقلت: ماذا يمكننا ان نقدم لها في هذه الساعة؟ قال: هل تعرف بيتها؟ قلت: نعم ولكن الوصول اليه في الزقاق بين الثلوج والطين امر صعب فقال(رض): قم لنذهب فانطلقنا معاً حتى وصلنا الى بيتها وتأكدنا من حالها ومرض زوجها فقال لي الشيخ الحائري اذهب الى الطبيب صدر الحكماء وابلغه الخبر ليأتي الان فوراً فذهبت واتيت بالطبيب فعاينه وكتب له دواءً فقال لي الشيخ: خذ هذه الوصفة الى الصيدلية واشتر الدواء بدين على حسابي، فذهبت وجئت بالدواء ايضاً، ثم امرني الشيخ ان اذهب الى دار بياع الفحم وآخذ منه فحماً على حسابه ايضاً فجلبت معي الفحم ومقداراً من الطعام، وفي تلك الليلة من الشتاء تهنئت العائلة الفقيرة بالطعام والدفء وانتعشت من ازمتها فالمريض باستعماله الدواء استعاد قواه "بعون الله تعالى" وبعد ذلك سألني الشيخ الحائري "قدس": في اليوم كم تأخذ لنا من اللحم وما اخبرته قال: اعط نصف هذا المقدار لتلك العائلة يومياً. وعند ذلك قال الشيخ: الان قم لنذهب وننام.
مستمعينا الكرام ـ كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله من اشهر علماء عصره وكان قاضي القضاة في عهد الملك المسمى بالصالح سلطان دمشق، فبلغه ان هذا الملك اصطلح مع الافرنج الصليبيين ليعينوه على اخيه سلطان مصر نجم الدين ايوب واعطاهم مقابل ذلك صيدا وغيرها من حصون المسلمين ودخل الافرنج دمشق لشراء السلاح فشق على الشيخ ابن عبد السلام وافتى الناس بتحريم مبايعتهم لانهم يقاتلون به المسلمين.
وكان يخطب الجمعة في المسجد وكان من دعائه في الخطبة: (اللهم ابرم لهذه الامة امراً رشداً، تعز فيه وليَّك، وتذل فيه عدوك ويعمل فيه بطاعتك وينهى فيه عن معصيتك). والناس يبتهلون في الدعاء والتأمين فغضب السلطان لذلك فعزله عن القضاء، فاتجه الشيخ الى مصر مهاجراً، وشق ذلك على اهل دمشق، حتى خشي السلطان من الثورة بسببه فارسل اليه من يقول: "ان السلطان عفا عنك وردك الى عملك على ان تنكسر له وتقبل يده".
فما كان من الشيخ (رحمه الله) الا ان قال لرسول السلطان يا مسكين والله ما ارضى ان يقبل هو يدي، فكيف اقبل يده؟! يا قوم انتم في واد وانا في واد، والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به.
يقول آية الله الشيخ جواد الكربلائي احد علماء الاخلاق: لقد تشرفت بمعرفة العبد الصالح آية الله بهجت منذ زمن بعيد واستفدت من بعض كمالاته ومواعظه واليك بعضاً منها: كان الشيخ بهجت يؤكد دائماً ضرورة ترك المعاصي ويقول: لقد منَّ الله على جميع طبقات اوليائه بالطافه الخاصة وبجعل ترك المعاصي وسيلة للتقرب اليه، ولما كانت مراتب معرفة الانسان وحبه لخالقه متعددة لذا تعددت مراتب ترك المعصية ايضاً حتى قيل: "حسنات الابرار سيئات المقربين". ويقول احد الطلاب الذين دخلوا الحوزة العلمية في قم المقدسة تواً: ذهبت الى الشيخ بهجت وقلت له: لقد جئت الى الحوزة العلمية لدراسة العلوم الدينية فما عليَّ ان افعل لاكون طالباً ناجحاً؟ فطأطأ الشيخ رأسه متأملاً ثم قال: لا فرق بين الطالب وغير الطالب المهم هو تجنب المعاصي، وسئل الشيخ بهجت في مكان آخر: ما هو افضل ذكر؟ فقال: اعتقد ان افضل الاذكار هو الذكر العملي أي ترك المعصية في العقيدة وفي العمل، فكل شيء يحتاج الى هذا الامر وهذا لا يحتاج الى أي شيء أي انه منتج للخيرات. كما سئل الشيخ: باي عمل غير التدريس والاهتمام بكتاب الله تعالى وتفسير أهل البيت(ع) يمكننا ان نقوي انفسنا على التقوى والسير على المعبود؟ فكتب الشيخ بهجت مجيباً على هذا السؤال: بسمه تعالى: بالتصميم الدائم على ترك المعاصي في الاعتقاد والعمل. ويقول احد الفضلاء: كتبت رسالة الى آية الله بهجت وسألته فيها ما علينا ان نفعل كي يزداد حبنا لبارئنا ولامام زماننا(عج)؟ فكتب في الجواب: اتركوا المعاصي واقيموا الصلاة في اول وقتها. ويقول احد العلماء: ذات يوم تحدث الشيخ بهجت قائلاً: هل فكرنا ببرنامج ووقت معين لهذا الشتات "معصية الرب وعدم اطاعة اوامره". أي هل سيأتي يوم نترك فيه المعصية؟ ام اننا سنستمر بوضعنا هذا، وان لم يكن قصدنا الاستمرار على هذا الوضع فلنجلس ونضع وقتاً محدداً له، شهراً واحداً، ستة اشهر، سنة واحدة، او بضع سنين، المهم هو ان ندرك خطورة هذه الحالة ونضع لها حداً على الاقل.
وختاماً ـ ايها الاحبة الكرام ـ شكراً جزيلاً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء.
وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.