والصلاة والسلام على محمد المصطفى المختار وعلى آله الطيبين الابرار وصحبه الاخيار ...
السلام عليكم ـ مستمعينا الكرام ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا نأمل ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الاعزاء ان للسادة من بني هاشم ذرية رسول رب العالمين محمد بن عبد الله(ص) مكانة عالية لدى المسلمين وقد نص القرآن الكريم على وجوب مودة ساداتهم وهم اهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) قال تعالى: (قل لا اسألكم عليه اجراً الا المودة في القربى).
فالذين هم من سلالة اهل البيت(ع) محترمون ولابد لكل ذي عقل ان يحترمهم ويتجنب اهانتهم فحتى الخاطئ منهم ينبغي مراعاته بالنصح والتذكير فكيف بالطيبين منهم، وقد التزم كبار علمائنا بهذه الاخلاق الحسنة ومنهم ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ العالم التقي آية الله الشيخ محمد علي سيبويه (رحمه الله) حيث كان شديد المودة والاحترام لكل سيد وخاصة المحتاجين منهم، فكان رحمه الله حريصاً على ان لا يكون في المدينة التي يعيش فيها ـ وهي كربلاء المقدسة ـ أي فقير من ذرية النبي(ص)، وكان يتفقد احوالهم باستمرار ويبعث اليهم ما عنده من حقوقهم، ولذلك قال عنه بعض معاصريه من العلماء انه العالم الوحيد الذي تجسدت فيه هذه السلوكية النبيلة من بين معاصريه. ومثله كان الفقيه الورع آية الله سردار الكابلي (رحمه الله) وهو من علماء افغانستان حيث نقل انه كان يقبل ايادي الاطفال السادة ايضاً.
مازلنا ـ مستمعينا الافاضل ـ مع موضوع ضرورة احترام السادة من بني هاشم ذرية الرسول الاكرم(ص) حيث ينقل فضيلة السيد ناصر الحسيني المرعشي في هذا المجال في كتابه "اللآلئي الجلية" حول ترجمة المرحوم آية الله الشيخ محمد علي سبويه اني التقيت في احدى الحوزات العلمية باحد كبار الاساتذة ـ لا يرضى ان اذكر اسمه ـ فكان شديد الاحترام لكل سيد يدخل المجلس وبالرغم من كبر سنه كان يقوم للكبير والصغير من السادة الواردين وينظر اليهم بعطف عميق، فتقربت اليه حتى صادقته ثم سألته بعد مدة عن سبب مودته واحترامه الشديد للسادة؟ فرأيت قطرات الدموع وقد حجبت عينيه المعبرتين عن قصة ما، فسكت العالم ولم ينطق الا بعد اصراري حيث قال: كان في المحلة التي نسكن فيها سيد من الباعة المتجولين يجلس على الارض ويبسط ما عنده من البصل للبيع، وذات يوم ارسلت احد اولادي ليشتري منه بصلاً، فعاد يحمل بصلاً رديئاً فاخذت منه الكيس وجئت الى السيد وهو رجل كبير السن، وكان جالساً على الارض قرب صندوق بصله فانبته بشدة فالتفت اليَّ السيد المسكين وهو يقول لي بهدوء من دون ان يقابلني بالمثل، لو لم يغصبوا حق جدتي الزهراء(ع) بالامس، لما اهنتني انت اليوم، ولم اجد بداً للكد بهذا الجهد والاذى لجلب الخبز لعيالي، يقول هذا العالم: لقد هزني هذا الكلام من الاعماق وشعرت في تلك اللحظة وكأنَّ فقرات ظهري قد انكسرت، ومنذ ذلك اليوم صرت كلما ارى سيداً اشعر كأنَّ دموعي تكاد ان تجري من غير اختيار وارادة.
ونختم البرنامج ـ مستمعينا الاكارم ـ بذكر ما قاله الرواة والمعاصرون للسيد جمال الدين الاسد آبادي المعروف بالافغاني والمشهور بنابغة الشرق حيث ذكروا انه كان يتمتع بقلب سليم وصفات سامية وكان صادقاً حليماً وعفيف النفس، وعندما كان يتعرض دينه وشرفه الى ضرر يتحول حلمه الى غضب مقدس وكان شجاعاً كالاسد، ويتعامل مع اناس كالأب الرؤوف وكان(رض) كريماً يقتفي آثار اجداده الاسخياء الطاهرين ينفق مما عنده ويزهد في متاع الدنيا، شديد التوكل على الله تبارك وتعالى لا يخاف من الوقائع المرة، وكان رحمه الله اميناً وحسن التعامل مع الناس شديداً على البعض منهم ممن يتجرأ على ارتكاب المنكرات، وكان السيد جمال الدين يتابع اهدافه السياسية النبيلة ويسرع في عمله ويتقنه لا تأسره الدنيا ولا تغره زينتها وكان مولعاً بالامور المهمة معرضاً عن الامور الصغيرة، قوي القلب لا يخاف الموت وكأنه لا يعرفه ويسرع نحو النصر كالابطال ويتغلب على كثر المصاعب بذكائه النادر الذي منحه الباري تعالى وفي الايام الاخيرة من عمره الشريف كان ثابتاً كالجبل يفخر بنسبه الذي ينتهي الى النبي محمد(ص) لكنه لم يكن يرى لنفسه امتيازاً ومكانة وكان يقول: ان العظمة لخالق الكون ونحن تراب، وكان يحرص كثيراً على اداء الفرائض في اول اوقاتها ويحافظ على اصول الدين وفروعه فريداً في الحمية الدينية ذا نشاط وحكمة، فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً.
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ نساله تعالى ان يجعلنا واياكم من السائرين على نهج اولئك المجاهدين الابرار المطيعين لله ولرسوله انه سميع مجيب. نشكركم على حسن المتابعة وحتى الملتقى القادم ومع حلقة جديدة من برنامج ـ من اخلاق الاولياء ـ نستودعكم الباري تعالى الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم.