والصلاة والسلام على الرسول الكريم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين.
السلام عليكم ... مستمعينا الافاضل ـ ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً...
مستمعينا الاعزاء ـ لقد كان الحاج الشيخ رجب علي الخياط(رض) منصفاً جداً في اخذ الاجرة على عمل الخياطة ـ وذلك بسبب تقواه وورعه الشديدين ـ اذ كان يتقاضى اجرته على قدر العمل والجهد الذي يبذله ولم يكن يستسيغ اخذ مبلغ من الزبائن اكثر من جهده وكان يأخذ اجر عمله طبقاً لضوابط وقوانين المعاملة في الاسلام. ذكر احد علماء الدين قائلاً: اخذت قماش عباءة واعطيته لسماحة الشيخ ليخيطه وسألته عن مبلغ الاجر فقال: هذا يستغرق يومين من العمل واجرته اربعون توماناً، وعندما ذهبت لاستلام العباءة قال لي: الاجر عشرون توماناً فقلت له: الم تقل لي اربعون توماناً؟ قال بلى، لاني ظننت ان خياطتها تستغرق يومين من العمل لكنها استغرقت يوماً واحداً. وقال شخص آخر: اعطيته قماشاً ليخيطه لي منه سروالاً وسألته عن الاجرة فقال عشر تومانات، فدفعت له الاجرة في الحال، وعندما ذهبت لاستلامه وضع عليه تومانين وقال: صارت الاجرة ثمان تومانات.
مستمعينا الكرام ـ يقول الامام الخميني(رض): قيل لبعض العرفاء من المتقين الواعين ان رجلاً من المتصوفة بلغ في ترويضه لنفسه الى حد يمشي على الماء، فقال العارف وكذلك يفعل الضفدع فقيل له، وان واحداً منهم يطير في الهواء، فقال العارف: كذلك يفعل الذباب، فقيل له: ومنهم من يسير من بلد الى بلد في لحظة، فقال العارف، وكذلك الشيطان يسير من المشرق الى المغرب. فليس بهذه الاشياء قيمة الرجل بل الرجل كل الرجل من يخالط الناس ويعاملهم بالمعروف ويتزوج منهم ولا يغفل عن الله طرفة عين.
نقل المرحوم الاستاذ جلال همائي خلال مقابلة اذاعية القصة التالية قائلاً: كنت مع آية الله الشيخ هاشم القزويني "وهو من كبار اساتذة الحوزة العلمية بمدينة مشهد المقدسة" ندرس في فترة شبابنا في اصفهان فذات مرة كنا نتباحث حول الدرس، واذا بالشيخ قد ساء حاله فافترش الارض مغمي عليه، فسارعت اطلب له طبيباً ولما حضر الطبيب وفحصه امر باعطائه ماء محلى بالسكر، وعندما شرب قليلاً منه وفتح عينه، جلس وفتح كتابه مباشرة وهو يسألني: اين وصلنا في البحث؟ وكأنه لم يحدث له طارئ! والجدير بالذكر ان الطبيب اشار اليَّ من خارج الغرفة، فذهبت اليه، فقال لي: ان اغماء الشيخ كان بسبب شدة الجوع، ناوله طعاماً في اسرع وقت. ويضيف الاستاذ همائي ولما حققت في امره علمت انه لم يتذوق طعاماً لمدة يومين وذلك لشدة فقره وتعففه وعدم اخباره احداً عن حاله وجوعه.
نعم ـ مستمعي الكريم ـ ان هذه الحالة من غير افراط تكوِّن ارضية لنمو طالب العلوم الدينية كي تضمحل لديه الروح المادية حينما يعاشر الناس في المجتمع فيكون مثالاً للروحانيات والمعنويات كما كان بالفعل هذا الشيخ الجليل، فقد ورد في الحديث عن النبي(ص) ثلاث تورث القسوة: حب النوم، وحب الراحة، وحب الاكل"، وعكسه اذن يورث رقة القلب .
نقل الشيخ ذبيح الله المحلاتي في كتابه بالفارسية "اختران تابناك" أي "البدور الزاهرة" ان المرحوم السيد جواد صاحب كتاب ـ مفتاح الكرامة ـ كان على حد من الاهتمام بطلب العلم والسعي الشديد في دراسته الدينية بحيث لما سألوه ما هي افضل الاعمال في ليلة القدر؟ اجاب: دراسة العلوم الدينية، ولشدة جده في طلب العلم لم يمنعه مرضه وكبر سنه من مواصلة المطالعة والدرس والكتابة. وعندما كان ـ رحمه الله ـ يؤلف كتابه ـ مفتاح الكرامة ـ تعرضت مدينة النجف الاشرف لهجمات الوهابيين الذين كانوا يريدون تدمير مرقد الامام علي(ع) وذلك منذ عام 1221 حتى 1226 هجري فلم يمنعه ذلك من الاستمرار في تأليفه كما لم يتقاعس ايضاً في مهمته الجهادية، فكان يكتب رسالة فقهية في وجوب رد العدوان على النجف الاشرف، وهو يقوم في كل ليلة حتى الصباح بتفقد خنادق المجاهدين ويشاركهم السعي ويحثهم على مقاومة المعتدين اجل ـ مستمعينا الاعزاء ـ هكذا كان وما يزال العلماء المخلصون كل حياتهم "جهاد واجتهاد".
وفي الختام ـ ايها الاعزاء ـ نسأل الباري عز وجل ان يجعلنا من السائرين على نهج العلماء الربانيين الذين نذروا حياتهم لخدمة الحق والعدل انه سميع مجيب.
وشكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.