والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين ...
السلام عليكم ـ ايها الاحبة الكرام ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في برنامجكم هذا نأمل ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً ...
مستمعينا الاعزاء ـ يعد العلامة الملا محمد صالح المازندراني(رض) المتوفى سنة 1086هـ.ق من افاضل علماء الدين وكان ابوه عاجزاً عن معالجة الفقر الذي سلبه كل حيلة في تدبير معيشة عائلته لذلك صارح ابنه الشاب بان يهاجر بحثاً عن الرزق الحلال فودع الابن اباه مهاجراً الى مدينة اصفهان ولكن حب هذا الشاب للعلم صده عن التجارة وفضل الالتحاق بمدرسة دينية وكان راتب كل طالب في هذه المدرسة ما يعادل فلسين وهو مبلغ بسيط لا يسد حاجة الانسان في ذلك الزمان، ولم يكن لديه مال يشتري به شمعة لانارة حجرته في المدرسة فكان يضطر ان يستضيء بالنور الضعيف الذي تشعه حمامات المدرسة فيجلس في زاوية من الحمام ويقرأ وبهذه الصعوبة البالغة والفقر المدقع استمر هذا الشاب المازندراني محمد صالح في دراسته الاسلامية حتى نال درجة عالية في العلم والاخلاق وصفاء النفس وارتقى في دروسه حتى وصل الى درس العلامة الكبير الشيخ محمد تقي المجلسي(رض) واستمر وهو يطو صفحات نجاحه ويرتقي من درجة الى درجة اعلى حتى صار من ابرز وافضل تلامذة العلامة المجلسي وكانت له مكانته عند استاذه الذي منحه الثقة الكاملة.
وكان العلامة المازندراني ذات مرة يجلس مع استاذه العلامة المجلسي بعد انتهاء الدرس جلسة اعتيادية فعرض عليه الاستاذ فكرة الزواج قائلاً: ان كنت راغباً فاذن لي باختيار زوجة صالحة لك، فاذن التلميذ لاستاذه، ولما ذهب الاستاذ الى بيته طلب ابنته آمنة وكانت بالاضافة الى تدينها وتربيتها الاخلاقية عالمة في احكام الشريعة قد علمها ابوها منذ صغرها واحسن تعليمها فقال لها ابنتي لقد اخترت لك زوجاً في غاية الفقر ولكنه في غاية العلم والتقوى ولك حرية القبول او الرفض فقالت البنت العالمة الفاضلة: الفقر ليس عيباً للرجل يا أبي، فدعا العلامة المجلسي المؤمنين الى مجلس عقد القران بين ابنته آمنة والعالم الفاضل الملا محمد صالح المازندراني. وحينما رفع الشيخ العريس برقع عروسه ونظر الى وجهها ليلة الزفاف خر ساجداً لله تعالى يشكره على نعمه السابغة ثم اخذ يقرأ دروسه وانشغل يتأمل في موضوع علمي دقيق لكنه عجز عن فهمه حتى ساعة الفجر اذ قام للصلاة ثم خرج الى المسجد للدرس اما العروس التي كانت تراقب زوجها طيلة الليل فقد كتبت حلاً لذلك الموضوع الذي عجز زوجها عن فهمه فوضعته طي الكتاب، ولما عاد، الشيخ العريس من الدرس وفتح الكتاب ليعيد تمعنه في الموضوع وجد الحل جاهزاً امامه ولما علم انه منها فوجيء بمستواها العلمي الذي لم يكن يعرفه عنها من قبل.
حقاً كانت زوجته عالمة ففرح بها وبعلمها فرحاً عظيماً فخرَّ ساجداً لله تعالى مرة اخرى ولمدة ثلاث ليال متتالية هكذا مما يعني انه لم يقترب منها قبل ان يؤدي الشكر والحمد لله تعالى على تلك النعمة العظيمة، ولما علم والد البنت استاذه العلامة المجلسي بذلك ظن انه راغب عنها فجاء اليه قائلاً: ان كان فيها عيب سأقوم لك بالبحث عن زوجة اخرى. فقال الشيخ محمد صالح لعمه العلامة ليس الامر كذلك انما انا مشغول بالشكر لله تعالى على هذه النعمة العظيمة التي انعم بها عليَّ رب العالمين.
نعم مستمعي الكريم ـ بعد الفقر الذي دفعه الى الهجرة لطلب العلم والصبر عليه حظي باحسن زوجة، أليس هذا يدعوه الى الشكر لله الخالق الرازق الكريم المتعال؟
وفي الختام نشكركم ايها الاحبة الكرام على حسن المتابعة. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.