اُمها من عائلة علميّة مرموقة، معروفة في الأوساط العلمية، وهي اُخت المرجع الديني آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين.
أخواها: السيّد اسماعيل الصدر، وآية الله العظمى المرجع الديني الكبير والمفكّر الإسلامي العظيم الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر، نابغة زماننا هذا، ومُفجّر الثورة الإسلامية في العراق.
فالشهيدة بنت الهدى تنحدر من عائلتين علميّتين معروفتين في جهادهما ومواقفهما
ولدت رضوان الله تعالى عليها في مدينة الكاظمية المقدّسة سنة ۱۳٥۷هـ = ۱۹۳۷م، وترعرّت في أحضان والدتها وأخويها، إذ أنّ والدها قد فارق الحياة وعمرها آنذاك سنتان.
نشأت في حجرِ الإيمان وحضن التقوى، وقد تكلّفت والدتها وأخواها تعليمها وتربيتها.
تعلّمت القراءة والكتابة في بيتها دون أن تدخل المدارس الرسميّة، ثم درست النحو والمنطق والفقه والأصول وباقي المعارف الإسلامية، واطّلعت على المناهج الرسمية التي تدرّس في المدارس، ودرستها في بيتها، وبذلك تكون قد جَمعت بين الدراسة الحديثة وبين دراسة المعارف الإسلامية.
كانت وَلعة بمطالعة الكتب، غير مُقتصرة على الكتب الإسلاميّة، فقد تناولت كتباً غير دينيّة أيضاً. ولأنّها من عائلة فقيرة فقد كانت تستعير الكتب من هنا وهناك، بل كانت تصرف ما يُعطى لها من مبلغ بسيط لسدّ حاجاتها الضرورية في شراء بعض الكتب التي ترغب في قرائتها.
عُرفت رحمها الله بالذكاء الوقّاد، وسُرعة الحفظ، وقابليتها العالية على جذب النساء إليها بعذوبة لسانها ولطافة منطقها، فلم تكن تراها امرأة وتسمع كلامها إلاّ قد اُعجبت بها وأصبحت من مريداتها.
كانت رحمها الله تستغل كلّ وقتها، وتستفيد من كلّ شخصية يمكنها أن تُفيدها بطريقة أو اُخرى، فكانت تستغل فراغ السيّد الشهيد الصدر في أوقات راحته، وتنهل من علمه ومعارفه الإسلامية.
وعبرَ هذه الصفحات القليلة نحاول إلقاء الضوء على بعض المهام التي قامت بها الشهيدة بنت الهدى:
*******
دورها التبليغي
لعبت الشهيدة بنت الهدى (رحمها الله) دوراً فعّالاً وملموساً في هداية الفتيات - وبالأخص العراقيات ـ ورجوعهن إلى التمسّك بتعاليم الدين الحنيف، فمَنْ كان قريباً منها يعرف ذلك جيداً. فكم من فتاة، بل عائلة كادت أن تخرج عن دينها وتصهرها الحضارة المستوردة من الغرب أو الشرق، لولا وقوف الشهيدة بنت الهدى إلى جانبها وانقاذها من الغرق في عالم التبرّج والرذيلة، فكانت بحقّ رائدة العمل الإسلامي النسوي في العراق.
تتّصف رحمها الله باُسلوب تبليغي عذب ومؤثّر، فلم تجلس مع امرأة إلاّ وأثّرت عليها، ودخلت إلى قلبها عبرَ الكلمات اللطيفة والمنطق العذب الذي كانت تستعمله مع النساء.
لقد عَرفت بنت الهدى رحمها الله أنّ التبليغ في أوساط النساء يمكن أن يؤدّي دوراً فعّالاً في تقدّم الحركة الإسلاميّة عموماً، لذلك نجدها تعقد جلسات دوريّة في بيتها وفي بيوت اُخرى، وبالتعاون مع بعض النساء المريدات لها واللواتي لهنّ اطّلاع على ما يجري في العراق من محاولات لإفساد المرأة العراقية.
ولم تكتفِ الشهيدة بذلك، بل كانت وحين سماعها بوجود جماعة من النسوة في بيت معيّن تُسارع إلى الحضور في أوساط النساء عندما ترى أنّ الجوَ مناسب. وقد استطاعت بعملها هذا أن تُربّي عدداً من النساء، حيث أصبحت كلّ واحدة منهن معلّمة لمجموعة من الفتيات والنساء.
ولم تكتفِ الشهيدة بنت الهدى بهذا القدر من التبليغ، بل تعدّته إلى مجال أوسع وأكثر فائدة، وهو مخاطبة الفتاة العراقية والعربية عموماً عَبرَ مجلّة «الأضواء» التي أصدرتها جماعة العلماء في النجف الأشرف(۲).
فما أن عَلِمتْ أنّ العدد الأوّل سيصدر حتى بادَرت وكَتبت فيه مقالاً لطيفاً وظريفاً، تحث فيه الفتاة المسلمة على الإلتزام بتعاليم الدين الحنيف وعدم الانجرار وراء الغرب والشرق، قالت:
«فما أجدرنا اليوم إذ تُمتحن رسالتنا الحبيبة بشتى المحن أن نرفع مشعل الدعوة الإسلامية، ونستثمر علومنا وتعلّمنا في سبيل الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نذكر دائماً وأبداً أنّ نبيّ الرحمة قد أوصانا بطلبه وجعله فريضة على كلّ مسلم ومسلمة رحمه الله لكي يكون للمرأة المسلمة نصيبها من الدعوة إلى مبدئها ونظامها الخالد، ولكي تكون قادرة على صدّ هجمات المغرضين وردّ دعايات المرجفين، لا لتتلاعب بها الريح مُصفرة أو مُحمرة، شرقية كانت أو غربية، ولكن لكي تسير على الطريق المهيع السوي، وتتمسّك بالإسلام ديناً ومبدأ ونظاماً، ولكي تتفهمه لترى فيه كلّ ما تطمح إليه مِن تقدّم ورقي وازدهار، فلا تعود تتطفّل على المبادىء الدخيلة والأفكار المستوردة»(۳).
وفي عدد آخر من مجلّة الأضواء قالت بنت الهدىـ مخاطبة الفتاة المسلمة، طالبةً منها الصمود والتحدّي والمقاومة أمام كلّ الاغراءات المبذولة آنذاك:
«كوني مثلاً يُقتدى به ولا تكوني اُلعوبة تقتدي، كوني متبوعةً لا تابعة، قاومي الاغراءات، اصمدي أمامَ كلّ شيء، فإنّي لأعلم أنّ العقبات أمامك كثار، وأن دربك لا يخلو من شوك وعثار، لكن النكوص عار، والتراجع شنار، فالموت أولى من ركوب العار، والعار أولى من دخول النار»(٤).
وقالت أيضاً:
«وكم مِن اللواتي مَشِينَ وراء النفير الأجنبي، ونزعنَ حجابهن في غفلةٍ وغرور، أخذنَ يتراجعنَ وبدأنَ يستفقنَ مِن كابوس المفاهيم الخاطئة التي أملاها علينا الاستعمار الغاشم، بعد أن أرادَ أن يستعمرنا في كلّ شيء حتى في أعزّ وأطهر ما عندنا، وهو المرأة»(٥).
وفي عدد آخر قالت:
«لا تقعد بكنّ هذه التخرّصات، ولا تثنيكنّ أمثال هذه النفحات المشؤومة، بل تزيدكنّ عزماً وقوّة وشدّة ومضاء، لتثبتن لهنّ صواب نهجكن وخطأ سيرهن المتعرّج ذات اليمين وذات اليسار، ولتوضحن لهنّ أنّهنّ هنّ اللواتي رجعن بسلوكهن إلى أبعد عصور الجاهلية حيث لا أحكام، ولا قوانين، ولا مثل ومفاهيم»(٦).
وردّاً على ما يحَتج به مستوردوا التحضّر، الذّين يدعون إلى تبرّج المرأة ولحوقها بحضارة الشرق أو الغرب، قالت بنت الهدى:
«هل يمكن ل اُمّة أياً كانت أن تتقدّم وتتحضّر بحضارات أجنبية لا تمتّ لها بصلة لتكون بذلك متقدّمة ؟ ! فإنّها لم تتقدّم خطوة، ولم تزدهر لحظة، وإنّما الأفكار الخارجية والدعايات الأجنبية هي التي تقدّمت وازدهرت على حسابنا، نحن أعداءها الحقيقين»(۷).
وعن شخصية المرأة المهدّدة قالت:
«وذلك نتيجة سوء فهمها للإسلام والبعد عن روحه ومفاهيمه من ناحية، ونتيجة تغذية الثقافة الاستعمارية المسمومة التي غزت بلادنا من ناحية ثانية، إذ نشرت مفاهيمها المناقضة للإسلام، والتي لا تنطوي في الحقيقة إلاّ على القضاء على أصالة المرأة واُنوثتها وكرامتها»(۸).
وبصدد الردّ على شعارات: تحرير المرأة، حقوق المرأة، مساواة المرأة، قالت الشهيدة بنت الهدى:
«أنغام سمعناها، وسنسمعها أيضاً ما دام المكروب الأجنبي يسري في عروق مجتمعنا المسكين، وما دمنا متمسّكين بمبدئنا الحقّ، داعينَ إلى نهجه القويم»(۹).
*******
الإشراف على مدارس الزهراء عليها السلام
تُعدّ مدارس الزهراء عليها السلام من أعمال «جمعية الصندوق الخيري الإسلامي»، وهي أكبر المؤسسات الجهادية التي تشكّلت في العراق عام ۱۹٥۸م، متبنّية أهداف الإسلام الحنيف في كافة لجانها التعليمية والثقافية والاجتماعية والطبّية، وبجميع فروعها القائمة بمدينة البصرة والديوانية والحلّة والكاظمية وبغداد حيث يكون مركزها فيها.
كانت هذه الجمعية تشرف على العديد من الفعاليات الخيرية الإسلامية، منها شؤون الرعاية الإجتماعية، وتسهيل العلاج المجاني في مستوصفات طبّية خاصة، كما كانت تضمّ كليّة اُصول الدين في بغداد، إضافة إلى مدارس الإمام الجواد عليه السلام للبنين بمرحلتيها الإبتدائية والثانوية بمدينة الكاظمية.
وفي عام ۱۹٦۷م أصبحت الشهيدة بنت الهدى المشرفة على مدارس الزهراء عليها السلام في مدينة النجف الأشرف والكاظمية، إضافة لإشرافها على مدرسة دينية اُخرى في مدينة النجف الأشرف. فكانت رحمها الله تشرف على تنظيم هذه المدارس، وتعيّن المناهج الدراسية التربوية الإسلامية لها، وتحلّ كلّ ما تواجهه هذه المدارس من مشاكل وصعوبات.
فكانت تقسّم أيام الإسبوع بين النجف والكاظمية، فبالإضافة إلى الدروس التي كانت تُلقيها على الطالبات، كانت لديها محاضرات تربوية تُلقيها على المعلّمات بعد انتهاء الدوام الرسمي للمدرسة. وبعد الظهر كانت لديها لقاءات مع طالبات الجامعة حيث تجيب على أسئلتهن، وتُلقي عليهنّ محاضرات ودروساً في المعارف الإسلامية.
وفي عام ۱۹۷۲م وبعد صدور قانون تأميم التعليم، استقالت الشهيدة بنت الهدى من عملها بعد أن عرفت أنّها لن تستطع أن تؤدّي دورها الرسالي، وقد حرصت الدولة على إبقاء بنت الهدى في هذه المدارس، وبعثت لها كُتباً رسمية تُطالبها بالعودة إليها، إلاّ أنّها رفضت ذلك، وحينما سُئلت عن سبب رفضها للطلبات الرسمية قالت:
«لم يكن الهدف من وجودي في المدرسة إلاّ نوال مرضاة الله، ولما انتفت الغاية من المدرسة بتأميمها فما هو جدوى وجودي بعد ذلك»(۱۰).
*******
القصة الإسلامية
لم تقتصر الشهيدة بنت الهدى في عملها التبليغي على إلقاء المحاضرات والدروس، والكتابة في مجلّة الأضواء الإسلامية ـ بالرغم ما لهذين المنبرين من دور كبير في توعية الفتيات المسلمات وجعلهنّ أقرب إلى عقيدتهن ورسالتهن الإسلاميةـ بل تعدّته إلى مجال أوسع ورحاب أكبر، وهو كتابة القصة الإسلامية الهادفة، والتي تستطيع بواسطتها أن تُوصل صوتها ودعوتها للحقّ إلى أكبر عدد من النساء في العالم العربي.
فبدأت بكتابة القصة، آخذه بنظر الإعتبار أولوية الهدف وثانوية الجانب الفني، مخالفة في ذلك الاُدباء العراقيين حيث يُعيرون أهمية كبرى للجانب الفني ويفضّلونه على الهدف.
وقد أشارت رحمها الله إلى هذه النظرة الخاطئة عند الاُدباء بقولها:
«استحال بعض اُدبائنا مع كلّ الأسف إلى مترجمين وناشرين لا أكثر ولا أقل، أفكارهم غريبة عنهم، بعيدة عن واقعهم ومجتمعهم، تستهويهم الصيحة، وتطريهم النغمة، وتسكرهم الرشفة، فيغنّون بأمجاد الأعداء وهم في غفلة ساهون، ويهلّلون للأفكار السامّة وهم لا يكادون يفقهون منها شيئاً، قد تشبّعوا بالثقافة الأجنبية التي أدخلها الإستعمار إلى بلادنا منذ عهد بعيد، وهي التي انحرفت بجيلنا الناشىء ذات اليمين وذات اليسار، وحرصت على تشويه انتاجاتنا الأدبية بكلّ أشكالها ونواحيها، ومن جراء هذا الفهم الخاطىء للثقافة الدخيلة انتشرفي ربوعنا مفهوم استعماري عدائي موجّه نحونا نحن بنات الإسلام بالذات»(۱۱).
إذاً فكتابتها للقصة لم تكن عن هواية أو احتراف، بل لهدف معيّن، وهو مخاطبة الجيل الناشيء باُسلوب قصصي بسيط، وإيصال التعاليم الإسلامية إليه وبهذا الاُسلوب، وقد أشارت الشهيدة رحمها الله إلى هذا المعنى بقولها:
«إنّ تجسيد المفاهيم لوجهة النظر الإسلامية في الحياة هو الهدف من هذه القصص الصغيرة»(۱۲).
وقالت أيضاً:
«ولهذا فإنّ أيّ فتاة سوف تقرأ في هذه القصص «مجموعة صراع» أحداثاً عاشتها بشكل أو بآخر، أو تفاعلت معها، أو مرّت قريباً منها».
ثم تقول:
«سوف تجد في كلّ قصة الموقف الايجابي الذي تفرضه وجهة النظر الإسلامية في الحياة، والبون الشاسع بين نظافة هذا الموقف وطهارته وتساميه، وبين الإنخفاض والإنحطاط الذي تُمثّله وجهات النظر الاُخرى في الحياة»(۱۳)؟
وقالت أيضاً:
«فلستُ قصّاصة ولا كاتبة للقصة، بل انّي لم أحاول قبل الآن أن أكتب قصة»(۱٤).
وقالت أيضاً:
«ما قمتُ به لا يعدو عن كونه محاولة بنّاءة لفتح الطريق وتعبيده، بغية السير في إحياء جهاز اعلامي صامت من أجهزة الإعلام التي تواكب سيرنا ونحن في بداية الطريق»(۱٥).
واستطاعت بنت الهدى رحمها الله ومن خلال القصص التي كتبتها أن تضع حلولاً لكثير من المشاكل التي تواجهها العوائل المسلمة في العالم الإسلامي الذي غزاه فكر الشرق والغرب.
فهي تعالج بدقة متناهية وباُسلوب لطيف مسألة الزواج، وما آلت إليه نظرة المسلمين اليوم بالنسبة لهذا الأمر المهم، حيث أصبح الزوج الأمثل هو الذي لديه ثروة طائلة أو شهادة مرموقة، أمّا الأخلاق والتمسّك بتعاليم الدين الحنيف فهي أفكار رجعية يجب محاربتها. والزوجة المثلى هي التي تملك جمالاً فائقاً وإن كان كاذباً، حيث تجلس صاحبته ساعات وساعات في صالة التجميل لتخفي وجهها الحقيقي وتَظهر بوجهٍ آخر أكثر جمالاً من واقعها.
العمل الإسلامي، معاناة المرأة العاملة، السخرية، التشويه، الجمال، التجميل، الحجاب. كلّ هذه عناوين لمشاكل عالجتها الشهيدة بنت الهدى في قصصها وبأسلوب مُقنع، مستعملة في ذلك العبارات السلسة، والكلمات الرقيقة.
وقد أثّرت هذه القصص أثراً كبيراً في حلّ كثير من المشاكل العائلية، وقد أقبلت الفتيات ولا زالت على اقتناء هذه القصص وقرائتها، وطبعت عدّة طبعات، مما يدلّ على طلب القرّاء لها.
وقامت دار التعارف للمطبوعات مؤخّراً بطبع قصصها كاملة في ثلاث مجلّدات صغيرة، وهي تحتوي على:
(۱) الفضيلة تنتصر.
(۲) ليتني كنتُ أعلم.
(۳) امرأتان ورجل.
(٤) صراع مع واقع الحياة.
(٥) لقاء في المستشفى.
(٦) الخالة الضائعة.
(۷) الباحثة عن الحقيقة.
(۸) كلمة ودعوة.
(۹) ذكريات على تلال مكّة.
(۱۰) بطولة المرأة المسلمة.
(۱۱) المرأة مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم(۱٦).
ونقل السيد حسن الأمين عن الاستاذ عبد الحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة انّها رحمها الله ألّفت كتاباً اسمه ( المرأة وحديث المفاهيم الاسلامية ) وطبعته بتوقيع ام الولاء(۱۷).
*******
شعرها
لم تكن الشهيدة بنت الهدى رحمها الله شاعرة مُحترفة أو مكثرة، ولم تكتب الشعر عن هواية، بل وجدت نقصاً ثقافياً سائداً في ذلك الوقت، وهو عدم خوض المرأة المسلمة مجال كتابة الشعر الهادف الذي يسمو بصاحبه إلى أعلى درجات الرحمة والرضوان، لذلك أخذت على عاتقها كتابة مقاطع شعرية عَبّرت من خلالها عمّا يهيج في خاطرها، وعمّا تُعانيه المرأة المسلمة من انحطاط في مستواها الثقافي الديني.
ونورد هنا ما تيسّر لنا معرفته من شعرها:
قالت رحمها الله:
يا رَسولَ اللهِ أبْشِرْ واُنْظْـرِ اليَـومَ إلينا
لِتَرانـا كيفَ قَـدْ أشرقَ نـورُ الحقِ فينا
يـا رَسـولَ اللهِ إنّـا فَتَياتٍ قَـدْ أبَيْنـا
أنْ نَرى القُرآنَ مَهْجوراً على الرفِ سنينَ
إي وربّي
*******
دَعْـوة الإسْلامِ جـاءَتْ بِمسـاواةِ البَشر
لـيسَ فـي الإسلام فَرْقٌ بَيْنَ عربٍ وتَتَر
أحسنُ الاُم ّةِ مَنْ بـالخيرِ والتَقْوى اشتَهر
لا بِجَمعِ المـالِ والـمنصبِ بينَ العالمينْ
إي وربّي
*******
يا رَسولَ اللهِ هـا نَحْـنُ اتَخْذنـاكَ لَنـا
قـائِـداً يَـرْفَـعُ بـالإسلامِ عَنّـا ذُلَّنـا
نَحْنُ بايَعنـاكَ يـا خيَـر البَـرايا كُلّنـا
وتَسابَقْنا إلـى حَملِ لـواءِ المصْلحيــنْ
إي وربّي
*******
يـا رَسـولَ اللهِ إنّا فِيكَ قَـدْ نِلْنا السَعادة
وعلـى نهجكَ قَـدْ حقّقتِ الـبنتُ السيادة
بَعْدَمـا كـانتْ ككابوسٍ وكانَ الوأُد عادة
جِئْتَ كـيْ تُعْطيَ حَقّ البنتِ بينَ المسلمينْ
إي وربّي
*******
فَجَعَلْتَ البنْتَ كـالقُرّةِ للعيـن وأحلـى
وَجَعَلْـتَ الأمَ لِلجَنّـةِ كـالجسْـرِ وأعلـى
وَلَقَـدْ حَقّقتَ للزوجـةِ قـانوناً وعَـدلاً
ظَهَـرَ الحـقُ إلـى المرأةِ كالصُبْحِ المبينْ
إي وربّي
*******
وَفَـرَضْتَ العِلـمَ للمـرأةِ كَيْمـا تَتَعَلْـم
وَلِكي تَتْـركَ دُنيـا الجَهْلِ والفِكْر المحَطّم
وَلِتَغدو تَعـرفُ الـدِينَ الحقيقـيَّ وتَفْهَم
جَوْهـرَ الإسلامِ والـدينَ وَمَعْنـاه الثمين
إي وربّي
وقالت رحمها الله:
قَسَماً وإنْ مُلىء الطَريقُ
بِمـا يُعيقُ السيـرَ قُدماً
قَسَماً وإنْ جَهَدَ الزَمـانُ
لكيّ يُثَبِّطَ فـيَّ عَـزْماً
أوْ حاولَ الدَهْرُ الخَؤونُ
بـأنّ يَـرشَّ إليّ سهماً
وتَفَاعَلَتْ شَتّى الظُروف
تُكيـلُ آلامــاً وَهَمّـاً
فَتَراكَمَتْ سُحب الهُمومِ
بـاُفقِ فِـكْري فـادلهما
لَـنْ أنْثنـي عما أرومُ
وإنْ غَـدَتْ قَدَماي تُدمى
كلا ولَـنْ أدَعَ الجِهـادَ
فَغـأيتي أعلـى وأسْمى
وقالت أيضاً:
أنا كُنْتُ أعْلـَم أنَّ دَرْبَ
الحقِّ بالأشْـواكِ حـافِل
خـالٍ مِن الرَيْحان يَنْشُر
عطـرَهُ بيـنَ الجَـداول
لكنّني أقدَمْتُ أقْفوا السَيرَ
فـي خَطـو الأوائِــل
فَلَطالَما كـانَ المجـاهدُ
مُفْـرداً بَيـنْ ألجَحـافل
وَلَطالَمـا نَصَـرَ الإلـهُ
جُنـودَهُ وهَـمُ القـَلائل
فالحقُ يخلدُ في الوجُـودِ
شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم