السلام عليكم أيها الأعزاء، الوفاء هو من محاسن الأخلاق التي يحبها الله عزوجل ويحب أصحابها. وقد تجلى هذا الخلق النبيل بأسمى صوره في مولاتنا الصديقة الطاهرة صلوات الله عليها، تجلى في وفائها لإمام زمانها عليه السلام، وفي وفائها لشيعتها، وتجلى في وفائها لأهل الوفاء لها صلوات الله عليه وآله. إشارات مختصرة إلى بعض مصاديق الوفاء الفاطمي السامي ننور قلوبنا بذكرها في هذا اللقاء، فكونوا معنا.
أما عن وفاء فاطمة في علاقتها بالله عزوجل فمصاديقه شملت جميع محطات حياتها المباركة صلوات الله عليها، نكتفي هنا بذكر نموذج واحد سجله القرآن الكريم وخلده أسوة للأجيال وطلاب الهدى الإلهي. إنه الموقف النبيل الذي خلدته سورة الدهر أو الإنسان المباركة. وملخصه أن مولاتنا الصديقة نذرت لله مع أهل بيتها أن يصوموا لله ثلاثة أيام طلبا لشفاء الحسنين وقد أصابهما مرض سلام الله عليهما، ولما حان أوان الوفاء بالنذر وفت الصديقة البتول لله بالنذر مع أهل بيتها عليهم السلام، وقرنوا هذا الوفاء بالتصدق في سبيل الله عزوجل بطعام إفطارهم وسحورهم طوال هذه الأيام الثلاثة على المسكين واليتيم والأسير، فبلغوا بالوفاء لله جل جلاله أعلى مراتبه إذ جمعوا بين الوفاء بالنذر والإيثار وكل ذلك في سبيل الله عزوجل، قال عز من قائل مخلدا هذه المنقبة الجليلة: "إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا".
أما عن وفائها سلام الله عليها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكفي أن نشير هنا إلى حقيقة أن سيدة نساء العالمين رحلت إلى ربها صديقة شهيدة الوفاء لوصايا رسول الله ودعوة الناس للتمسك بها وبسنته صلى الله عليه وآله فنالها من أهل الجفاء وناقضي السنة النبوية ما نالها من أذى أدى إلى استشهادها ووفاتها في ربيعها الثامن عشر صلوات الله عليها. وهي عليها السلام شهيدة الوفاء للإمامة الحقة إذ غاظ أهل الجفاء طوافها على بيوت المهاجرين والأنصار تدعوهم إلى الوفاء لبيعتهم التي بايعوا بها الوصي المرتضى الإمام علياً عليه السلام في يوم الغدير، فسلام على سيدة أهل الوفاء لله ورسوله ووليه مولاتنا الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها.
وإلى هنا ينتهي أحبائنا لقاء اليوم من برنامج من الأخلاق الفاطمية إستمعتم له من إذاعة طهران، شكرا لكم ودمتم في رعاية الله.