السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله، من إخلاق مولاتنا الزهراء البتول صلوات الله عليها عظيم يقينها بالله وجميل ثقتها به جل جلاله وصدق شكرها لنعمائه عزوجل. هذا الخلق العظيم هو قطب الرحى في أخلاق المؤمن الصادق. وقد تجلى في سيرة فاطمة عليها السلام بجميع مراحلها ننور قلوبنا بذكر بعض نماذجها في هذا اللقاء، تابعونا مشكورين.
من الشواهد على هذا الخلق الفاطمي القضية المشهورة التي رواها حفاظ السنة من الفريقين عن عدة من الصحابة والتي تصرح بنزول المائدة السماوية على بضعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله عدة مرات، بعد أن تصدقت على بعض السائلين بطعامٍ أعدته لعائلتها وهي وهم جياع. وقد جاء في إحدى هذه الروايات عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل إثر ذلك على فاطمة ورأى على وجهها الشريف الصفرة سألها قائلاً: يا بنية ما الذي أراه من صفرة وجهك وتغيّر حدقيتك؟ أجابت: يا أبه إن لنا ثلاثاً ما طعمنا شيئاً وإن الحسن والحسين إضطربا عليّ من شدة الجوع ثم رقدا. فنبههما وأجلس واحداً على فخذه الأيمن والآخر على فخذه الأيسر وأجلس فاطمة بين يديه ثم دخل علي فأعتنقهم صلى الله عليه وآله وقال: "إلهي وسيدي ومولاي هؤلاء اهل بيتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، اللهم هذه بنت نبيك وابناها وبعلها قد أضرّ بهم الجوع فأرحمهم". ثم أمر صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام أن تصلي ركعتين وتدعو.
مستمعينا الأفاضل، وكما تجلى صبر فاطمة على الجوع وجميل إيثارها بطعامها للسائل ورضاها بقضائه تجلى حسن يقينها بالله وجميل ثقتها بالله عزوجل إثر ذلك مباشرة، كما تنبهنا لذلك تتمة الرواية حيث جاء فيها أنها عليها السلام دخلت مصلاها وصلت ركعتين ثم رفعت باطن كفيها الى السماء وقالت: "إلهي وسيدي هذا نبيك وهذا علي ابن عم نبيك وهذان الحسن والحسين سبطا نبيك قد أضرّ بهم الجوع، إلهي فأنزل علينا مائدة كما أنزلتها على بني اسرائيل، اكلوا منها وكفروا بها، اللهم فأنزلها علينا فإنا بها مؤمنون". قال الراوي: فوالله ما استتمت الدعوة إلا وهي ترى جفنة فيها ثريد لحم ريحها أطيب من المسك، فخرجت بها، فقال علي: يا فاطمة أنى لك هذا قالت هو من عند الله، فأكلوا منها جميعاً وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "الحمد لله الذي لم يمتني حتى رزقني ولداً له مثل ما لمريم كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال: يا مريم أنى لك هذا؟ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب".
زادنا الله وإياكم إخوة الايمان ما شاء من جميل اليقين به والثقة برحمته عزوجل ببركة معرفة وموالاة سيدة نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمةٍ عليها السلام. إنتهى اعزاءنا لقاء اليوم من برنامج من الأخلاق الفاطمية، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعاية الله.