السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله، روى كثير من علماء الحديث من جمهور المسلمين كالحاكم في مستدركه على كتابي البخاري ومسلم وابن عبد البر في الإستيعاب وغيرهما مسنداً عن عائشة زوجة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله أنها قالت: "ما رأيتُ أحداً كان أصدق لهجةً من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها تعني النبي الأكرم صلى الله عليه وآله".
نعم مستمعينا الأكارم، فالصدق من أوضح أخلاق فاطمة الزهراء عليها السلام شهد بذلك الجميع، وقد تجلى هذا الخلق العظيم في جميع شؤونها سلام الله عليها حتى لُقبت بالصديقة الكبرى. ولقب (الصديقة) يفيد شدة رسوخ خلق الصدق في الجانب الإيماني بالدرجة الأولى، بمعنى أن الصديق هو الذي بلغ في الإيمان مرتبة سامية بحيث إنعكست آثار الإيمان بالله على جميع سلوكياته فصارت أعماله تصدق أقوالهُ وتفصح عن صدق إيمانه بالله عزوجل، وسعيه لإبتغاء رضاه في جميع حركاته وسكناته. فالصديق يرى الله عزوجل في جميع أحواله ولذلك لايغفل عنه أبداً، وبالتالي لايقدم على ما لا يرضيه وهو يراه حاضراً، وهذه هي حقيقة العصمة التي تجلت في الصديقة الكبرى فاطمة البتول عليها السلام.
إذن مستمعينا الأفاضل فإن من أخلاق الصديقة الكبرى سلام الله عليها عظيم صدقها مع الله تبارك وتعالى أولاً، وإذا كان العبد صادقاً مع الله عزوجل إنعكس صدقه في تعامله مع غيره جل جلاله، ولذلك كانت الزهراء عليها السلام صادقة في تعاملها مع الآخرين أيضاً بكل مراتب هذا التعامل.
إن صدق الحديث في أخلاق فاطمة هو أدنى مراتب صدقها سلام الله عليها إذ أن قوة رسوخ هذا الخلق الكريم فيها جعل له ظهوراً في جميع مجالات تعاملها مع خلق الله، فمثلاً نجدها عليها السلام صادقة في حديثها معهم، وصادقة في نصيحتها لهم وصادقة في طلبها الخير لهم وصادقةً في دعائها، وسيرتها عليها السلام مليئة بالكثير من الشواهد الناطقة بكل ذلك.
أيها الاخوة والأخوات، ونخلص مما تقدم الى نتيجة تربوية مهمة هي أن المؤمن والمؤمنة إذا أرادا أن يتأسيا بفاطمة في خلق صدقها عليها السلام فعليهما أن يجهدا في التأسي بها في جميع مظاهر الصدق التي تقدمت الإشارة إليها. وتكون البداية من الصدق مع الله عزوجل في الإيمان به وفيما عاهدنا الله عليه ويستمر الصدق يظهر في أعمالنا فتكون مصدقة لأفعالنا، وفي حديثنا وفي تعاملنا مع الناس في جميع المجالات.
جعلنا الله وإياكم اعزائنا من الصادقين ومع سادات الصادقين محمد وآله الطاهرين، وختاماً نشكر لكم طيب الإستماع لهذه الحلقة من برنامج من الأخلاق الفاطمية إستمعتم لها من طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، نترككم في رعاية الله ودمتم بكل خير.