السلام عليكم إخوتنا الأعزاء ورحمة الله وبركاته، الحانية هو من ألقاب مولاتنا كوثر المصطفى السيدة الزهراء عليها صلوات الرحمان، ومعنى الحانية هو المشفقة والحنون، وهو لقبٌ يشير الى أحد أبرز الأخلاق الفاطمية السامية. في هذا اللقاء ننقل بعض النماذج الكثيرة لتجليات هذا الخلق الإلهي في صفية الله وسيدة المتخلقات بأخلاقه عزوجل.
فمن حنانها وشفقتها على رسول الله صلى الله عليه وآله ما روي بأسانيد عدة عن علي عليه السلام: أن فاطمة جائت بكسيرة خبز لرسول الله وهو مع أصحابه يحفرون الخندق فسألها عنها، فقالت: "قرصاً خبزته ولم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسيرة، فقال: أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام". ومثلها ما روي عن علي عليه السلام قال: دخلت السوق فإبتعت لحماً بدرهم وذره بدرهم فأتيت بهما فاطمة حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت: لو أتيت أبي فدعوته، فخرجت وهو مضطجع يقول: "أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً"، فقلت: يارسول الله عندنا طعام، فأتكأ علي، ومضينا نحو فاطمة فلما دخلنا قال: هلمي طعامك يا فاطمة، فقدمت إليه البرمة والقرص، فغطى القرص وقال: اللهم بارك لنا في طعامنا، ثم قال: إغرفي لعائشة فغرفت، ثم قال إغرفي لأم سلمة.. فما زالت فاطمة تغرف حتى وجهت الى النساء التسع (يعني زوجات النبي) بقرصة قرصة ومرق. ثم قال: إغرفي لأبيك وبعلك.. ثم قال إغرفي وأهدي لجيرانك ففعلت.
ومن جميل مظاهر هذا الخلق الفاطمي النبيل ما روي من مبادرة سيدة النساء عليها السلام الى فك وثاق أبي لبابة عندما نزلت آية قبول توبته في الحكاية المعروفة، فقد روى مؤرخو الفريقين أن أبا لبابة وبسبب ما إرتكبه من ذنب أوثق نفسه في إسطوانة في المسجد حتى يتوب الله عليه، فلما نزلت آية قبول توبته أسرعت فاطمة لعظيم شفقتها على المؤمنين اليه لتحله من وثاقه، فأبى، وقال: إني حلفت ألا يحلني الا رسول الله، فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وآله وسمع قوله أبتسم، وقال: إن فاطمة بضعة مني، فحلت عليها السلام وثاق ابي لبابة التائب.
أما شفقتها عليها السلام على زوجها المرتضى فقد بلغت الذروة، فكانت تتجنب حتى إخباره بجوعها وجوع أولادها شفقة عليه، وأخفت عنه كسر ضلعها في هجوم الدار شفقة عليه. وهي التي تحملت كل ما تحملته في جفاء القوم دفاعاً عنه عليه السلام الى أن رحلت صديقة شهيدة، ومع ذلك بكت شفقة عليه لما حضرتها الوفاة، فلما سألها أمير المؤمنين عليه السلام: يا سيدتي ما يبكيك قالت: أبكي لما تلقى بعدي فأجابها: "لا تبكي فوالله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله".
وختاماً تقبل الله منكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، حسن الإصغاء لهذه الحلقة من برنامج من الأخلاق الفاطمية، شكراً لكم وفي أمان الله.