السلام عليكم إخوة الإيمان، الصديقة الكبرى هي صفية الله سيدة المتخلقات بأخلاقه عزوجل، ومن أخلاقه الكريمة جل جلاله رأفته بالعباد، وقد تجلت هذه الرأفة الإلهية بأسمى صورها في أخلاق فاطمة وتعاملها صلوات الله عليها مع الآخرين. وفي هذا اللقاء ننور قلوبنا أيها الأعزاء ببعض تجليات خلق الرأفة الفاطمية.
روى المؤرخون أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله فقراءٌ عراةٌ من الروم فدخل على بضعته الزهراء وكانت قد وضعت ستراً عند بابها فأخبرها صلى الله عليه وآله وهو العالم بعظم رأفتها بالعباد بحال أولئك وقال: "أيسرك أن يسترك الله يوم القيامة؟" فقامت عليها السلام ونزعت الستر وأعطته لرسول الله، فأخذه صلى الله عليه وآله، وقسم قماش الستر على أولئك الفقراء وسترهم به.
وروى المؤرخون من طرق الفريقين أن رسول الله صلى الله عليه وآله غزا ساحل البحر فأصاب سبياً فقسمه بين المسلمين ووهب جارية لفاطمة عليها السلام لكي تعينها على الخدمة في البيت كما كان مألوفاً يومذاك في بيوت أهل المدينة، وأوصى رسول الله فاطمة خيراً بهذه الجارية، فقالت عليها السلام: يا رسول الله علي يوم وعليها يوم. أي أنها قسمت الخدمة والقيام بأعمال المنزل بينها وبين خادمتها. قال الراوي: ففاضت عينا رسول الله بالبكاء وقال صلى الله عليه وآله: "الله أعلم حيث يجعل رسالته، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم".
مستمعينا الأكارم، وهذا التقسيم للخدمة المعبّر عن عظيم الرأفة بالخدم هو سنة خير سنتها صفية الله الزهراء عليها السلام ولم تعرفها الأمم من قبل، وقد إلتزمت بها عليها السلام رغم كل الصعوبات، فجزاها الله عن ذلك خير جزاء الشاكرين بعون كريم قدمه لها. لاحظوا أعزاءنا الرواية التالية التي رواها الثقة الجليل السيد القطب الراوندي في كتاب الخرائح عن سلمان، قال رضوان الله عليه: كانت فاطمة عليها السلام جالسة قدامها رحى تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دمٌ سائل أي من يدها عليها السلام، والحسين في ناحية الدار يتضور من الجوع ويبكي، فقلت: يا بنت رسول الله دبرت (أي جرحت) كفاك، وهذه فضة.. أي دعاها سلمان الى إستدعاء خادمتها فضة لكي تطحن بدلاً منها، فقالت عليها السلام: أوصاني رسول الله أن تكون الخدمة لها يوم ولي يومٌ، فكان أمس يوم خدمتها. قال سلمان: قلت: أنا مولى عتاقة (أي أنا مولىً لكم وإن كنت معتوقاً حراً) إما أن أطحن الشعير أو إسكت الحسين، فقالت: أنا بتسكيته أرفق وأنت تطحن الشعير، فطحنت شيئاً من الشعير فاذا أنا بالإقامة، فمضيتُ وصليتُ مع رسول الله، فلما فرغت قلت لعلي ما رأيته، فبكى وخرج (الى بيت فاطمة)، ثم عاد يبتسم، فسأله رسول الله عن ذلك فقال: دخلت على فاطمة وهي مستلقية لقفاها والحسين نائم على صدرها وقدامها الرحى تدور من غير يد، فتبسم رسول الله وقال: "يا علي أما علمت أن لله ملائكة سيارة في الأرض يخدمون محمداً وآل محمد الى أن تقوم الساعة؟".
شكراً لكم إخوتنا مستمعي إذاعة طهران، على طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج من الأخلاق الفاطمية، دمتم في رعاية الله.