السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله، من أخلاق أحباء الله السامية الإنفاق في سبيل الله مما يحبون، وهي من صفات الأبرار ومفتاح بلوغ مراتب (البرّ) الكمالية كما تصرح بذلك آيات الذكر الحكيم. وقد تجلى هذا الخلق الرفيع بأسمى درجاته بل وفي مصاديق فريدة في مولاتنا الصديقة الكبرى صلوات الله عليها. ومن الواضح أن ما ينفقه الإنسان كلما كان أحب إليه فأن أثره في القرب من الله عزوجل يكون أقوى. كما أن إنفاق الإنسان لما يحبه في سبيل الله هو شاهد صدق على أن الله عزوجل ورضاه أحب إليه من كل شيء وهذه من أزكى علامات المعرفة السليمة بالله وتوحيده الخالص جل جلاله. وهذه بعض الدروس التي نتعلمها من خلق مولاتنا الزهراء عليها السلام في إنفاقاتها بما تحب في سبيل الله عزوجل، كما نلاحظ ذلك في النموذج الذي إخترناه لكم في هذه اللقاء تابعونا مشكورين.
جاء في الجزء العاشر من ملحقات كتاب إحقاق الحق لآية الله المرجع التقي السيد المرعشي النجفي رضوان الله عليه نقلاً عن كتاب نزهة المجالس للعلامة الصفوري وهو من علماء أهل السنة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله صنع لإبنته فاطمة قميصاً جديداً ليلة عرسها وزفافها، ولم يكن لديها غير قميص خلقٍ قديم مرقوع.
قال الراوي: وإذا بسائلٍ على الباب يقول: أطلب من بيت النبوة قميصاً خلقاً، فارادت سلام الله عليها أن تدفع إليه القميص الخلق المرقوع، فتذكرت قوله تعالى: "لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ" فدفعت له القميص الجديد.
مستمعينا الأفاضل، وجاء في تتمة هذه الرواية الشريفة أن الله وهو أكرم الأكرمين وخير الشاكرين شكر صنيع صفيته وأمته الزهراء عليها السلام فأهداها لزفافها حلةً من ثياب الجنة من السندس الأخضر هبط بها جبرئيل الأمين عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله ومعها سلام الله على بضعته الزهراء، والله جل إسمه لا يضيع جزاء المحسنين.
تعلمون جميعاً أيها الأعزاء شدة حب فاطمة لرسول الله، وهذا الحب ينعكس بالطبع على حبها لأي هدية يهديها صلى الله عليه وآله لها، فكيف الحال إذا كانت هذه الهدية هي ثوب زفافها سلام الله عليها، لا شك أن حبها لهذا الثوب كان كبيراً جداً ولكنه ليس أكبر من حبها لله عزوجل، ولذلك تصدقت صلوات الله عليها بهذا الثوب الحبيب على أول سائل طرق باب أهل بيت النبوة عليهم السلام.
وختاماً نشير إخوة الإيمان أن خلق فاطمة هذا مع السائلين من برها جار بعد وفاتها وهي الصديقة الشهيدة مع المتوسلين بها الى الله عزوجل وطالبي الشفاعة منها صلوات الله عليها لقضاء الحوائج فما أسرع إستجابتها لهم، وهي التي تطلب الخير للجميع.
نشكر لكم أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران طيب الإستماع لهذه الحلقة من برنامج من الأخلاق الفاطمية، وداعاً ودمتم بكل خير.