السلام عليكم أيها الأعزاء، ان من المظاهر البارزة لشدة حب مولاتنا الكبرى لله عزوجل وتخلقها بأخلاقه جل جلاله، هو تفانيها صلوات الله عليها في طلب الخير وتقديمه بمختلف أشكاله لخلق الله وكذلك السعي في دفع الأذى عنهم بمختلف أشكاله أيضاً. هذا الخلق الفاطمي الرفيع تشهد له كثيرٌ من روايات سيرتها المعطاء سلام الله عليها، فمنها روايات إنفاقها وصدقاتها التي لا نظير لكثير منها مثل تصدقها بثوب عرسها الذي أهداها إياه رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد تصدقت به قبيل زفافها وهذا مالم تقم به أي من نساء العالمين قبل سيدتهن الزهراء عليها السلام.
ومن مصاديقه تجلي هذا الخلق الفاطمي النبيل طلب فاطمة الزهراء من أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون مهرها من الله عزوجل حق الشفاعة لشيعتها يوم القيامة كما نصت على ذلك الروايات الشريفة التي نقلناها سابقاً في هذا البرنامج. ومنها أيضاً دعاؤها في اللحظات الأخيرة من حياتها لشيعتها بالمغفرة وكذلك دعاؤها المستمر لجيرانها، وذكر المؤمنين بأسمائهم في نوافل الليل حتى قبل الدعاء لولدها ونفسها، وعندما سألها عن ذلك ولدها المجتبى عليه السلام أجابته كما ورد في الرواية المشهورة: "الجار قبل الدار".
مستمعينا الأفاضل، هذا الخلق الفاطمي النبيل هو أحد مناشىء خشيتها عليها السلام وخشوعها وإستغفارها في عبادتها، فهي تطلب بذلك المغفرة للاخرين، تأملوا أعزاءنا في الحديث الشريف الذي رواه الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي وجاء في مقطع منه قول رسول الله صلى الله عليه وآله: "وأما إبنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الآخرين، وهي بضعةٌ مني وهي نور عيني وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله، زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عزوجل لملائكته يا ملائكتي إنظروا الى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي أشهدكم أني قد آمنت شيعتها من النار". صدق رسول الله، وتلاحظون هنا أيها الأعزاء أن الله اشهد ملائكته أنه ببركة خشية الزهراء عليها السلام آمن شيعتها من النار، وهذا يعني أنه عزوجل عرف من نيتها أن خشيتها وخوفها هو على شيعتها من النار وليس خوفها على نفسها الزكية صلوات الله عليها.
رزقنا الله وإياكم أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران المزيد من محبة فاطمة وعرفان جميلها وشكر عطائها صلوات الله عليها، تقبل الله منكم حسن الإصغاء لهذه الحلقة من برنامج من الأخلاق الفاطمية، دمتم في رعاية الله.