السلام عليكم إخوة الايمان، الإيثار من أنبل الأخلاق التي يحبها الله عزوجل، وقد أثنى في كتابه المجيد على أصحابها بصورةٍ عامة، وجاء ذلك في عدةٍ آيات كريمة أنزلها بحق أهل بيت النبوة ومنهم الصديقة الزهراء سلام الله عليها وعليهم. وفاطمة هي سيدة الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وقد آثرت معهم المسكين واليتيم والأسير في الواقعة المشهورة التي خلدها القرآن الكريم في سورة الإنسان المباركة.
وتحفل سيرة الصديقة الكبرى بروايات كثيرة غير هذه الواقعة المشهورة تتحدث عن مصاديق إيثارها سلام الله عليها للاخرين على نفسها، من أقربائها كزوجها وعائلتها وغيرهم. ونختار لكم في هذا اللقاء رواية معبرة تتضمن جميل شكر الله عزوجل لها عليها السلام لإيثارها رسوله الكريم صلى الله عليه وآله على نفسها وزوجها وأولادها. تابعونا مشكورين.
روى العالم الجليل السيد قطب الراوندي في كتاب الخرائج عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقام أياماً ولم يطعم طعاماً حتى شقّ عليه ذلك فأتى فاطمة فقال: يا بنية هل عندك شيء آكله فأني جائع، فقالت له: لا والله بنفسي وأخي أنت.
فلما خرج صلى الله عليه وآله من بيتها، بعثت جارية لها برغيفين وبضعة لحم، فأخذت هذا الطعام ووضعته تحت جفنة وغطت عليها وقالت وكانت هي واولادها أيضاً جائعين: "والله لأوثرن بها رسول الله على نفسي و ولدي".
وجاء في تتمة الرواية قول جابر الأنصاري رضوان الله عليه: فبعثت فاطمة حسناً أو حسيناً الى رسول الله صلى الله عليه وآله، فرجع إليها فقالت: يا رسول الله، قد أتانا الله بشيءٍ فخبأته لك. فقال: هلمي عليّ به يا بنية، فكشفت الجفنة، فاذا هي مملوءة خبزاً ولحماً فلما نظرت إليه بهتت وعرفت أنه من عند الله، فحمدت الله وصلت على نبيه، ثم قدمته لرسول الله صلى الله عليه وآله، فلما رآه حمد الله، وقال: من أين لك هذا؟ قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله الى علي فدعاه وأحضره وأكل رسول الله وعليٌ وفاطمة والحسن والحسين وجميع أزواج النبي حتى شبعوا.
قالت فاطمة: وبقيت الجفنة كما هي فأوسعت منها على جميع جيراني جعل الله فيها بركة وخيراً كثيراً.
وختاماً تلاحظون في الرواية مستمعينا الأفاضل الخلق الفاطمي الجميل في حمد الله وشكره وإرجاع كل خير إليه عزوجل سواءٌ كان الأمر واضحاً كما في مباركة الطعام أو غير واضح كارسال الجارية لها ذلك الطعام القليل الرغيفين وقطعة اللحم حيث نسبته الى الله عزوجل وحمدت الله عليه أيضاً.
ونحن أيضاً نحمد الله عزوجل على توفيقه تقديم حلقة أخرى من برنامج من الأخلاق الفاطمية، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعاية الله.