السلام عليكم أيها الأحباء ورحمة الله، من أخلاق مولاتنا الصديقة الكبرى تفانيها في الدفاع عن رسول الله وعن إصول دينه القويم صلى الله عليه وآله. وقد تجلى هذا الخلق في سيرتها سلام الله عليها منذ سنينها الأولى الى يوم رحيلها مبينة للمؤمنين والمؤمنات بذلك أحد السبل الرحبة للتقرب الى الله عزوجل وبلوغ أعلى مراتب الرفعة في الحياة الأخرة.
ومن الشواهد الواضحة على الحقيقة المتقدمة ما رواه المؤرخون من الفريقين كما نقل ذلك الأستاذ الأنصاري في موسوعة (الصديقة الزهراء عليها السلام)، من قيام مولاتنا سيدة نساء العالمين بمواجهة طواغيت قريش وعتاتها يوم إعتدو على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلى في المسجد الحرام فألقوا على ظهره ورأسه (السّلا) أي أحشاء البعير أو الناقة فأزاحت بضعته الزهراء ذلك عنه صلى الله عليه وآله، ثم توجهت الى عتاة المشركين وبيدهم يوم ذاك كل القوى الظاهرية، فرأتهم يضحكون مما فعلوه برسول الله صلى الله عليه وآله فوبختهم على فعلهم وعنفتهم وهم لا يستطيعون الرد عليها، ثم دعت عليهم فأستجاب الله دعائها فقتلهم الله بعد حين في معركة بدر الخالدة.
وبعد هذا النموذج في الشجاعة الفاطمية في الدفاع عن رسول الله، ننقل لكم نموذجا آخر لشجاعة الصديقة الشهيدة في أواخر حياتها الشريفة وكان ذلك أيضا في الدفاع عن اصول دين رسول الله بعد رحيله صلى الله عليه وآله. وقد تمثل ذلك في موقفها الشجاع في مواجهة ما فعله القوم من نقض قيم الدين المحمدي الأصيل والجفاء لرسول الله صلى الله عليه وآله في عترته ووصيه المرتضى عليه السلام، فكانت خطبتها الفدكية التي تعد نموذجا أسمى في الشجاعة الخطابية في أصعب الأوضاع المضادة وأشدها. وعندما نراجع هذه الخطبة التي ألقتها في المسجد النبوي نلاحظ أيها الأعزاء أن قسمها الأهم كان دفاعا عن رسول الله وبيانا لما جاء به صلى الله عليه وآله لانقاذ الأمة وما تحمله لنقل الناس من الظلمات الى النور وتحذيرا من تبعات الالتفاف على نهجه القويم وإعادة الناس الى ظلمات الجاهلية بوجه جديد. ومثل هذا الدفاع عن النبوة المحمدية نجده في خطبتها في نساء المهاجرين والأنصار حيث دافعت فيها عن الولاية العلوية التي تمثل الامتداد الالهي لنهج النبوة المحمدية. وبذلك قدمت سلام الله عليها روحها الزكية قربانا لحفظ هذا النهج الالهي القويم.
وبهذا ينتهي أعزائنا مستمعي إذاعة طهران، لقاء آخر من برنامج من الأخلاق الفاطمية، تقبل الله منكم طيب الأصغاء ودمتم في رعاية الله.