بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته
في هذا اللقاء الذي سنقف فيه على شذرة من خلق الامام علي عليه السلام في الايثار وخير مايذكره الامام علي في هذه الصفة ما سمعه عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: من اثر على نفسه اثره الله يوم القيادة، كما جاء ذلك في تفسير نور الثقلين الجزء الخامس الصفحة ۲۰۷ اما قول امير المؤمنين عليه السلام في الايثار وكما جاء في غرر الحكم فهو "عامل سائر الناس بالانصاف وعامل المؤمنين بالايثار".
اما حياة امير المؤمنين عليه السلام ايها الكرام فقد كانت كلها ايثاراً فلهذا نقف على اشارة مختصرة كما جاء في تنبيه الخواطر وفيه الاية السابعة بعد المئتين من سورة البقرة المباركة حيث جاء فيه في اشارة الى ليلة الهجرة التي لايخفى على احد ماجرى في تلك الواقعة والتي جسد الامام علي عليه السلام فيها حقيقة الايثار عندما اثر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على نفسه ونام في فراشه وحوله اربعون سيفاً متعطشاً لأراقة دمه حيث جاء فيه "بات علي ابن ابي طالب عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فأوحى الله تعالى الى جبرئيل وميكائيل اني آخيت بينكما وجعلت عمر الواحد منكما اطول من عمر الاخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فأختار كلاهما الحياة فأوحى الله اليهما، أفلا كنتم مثل علي بن ابي طالب آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه فيؤثره بالحياة فأنزل الله تعالى قوله "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ"".
نعم مستمعينا الافاضل كان علي عليه السلام شديد المروءة وكان يقول من آثر على نفسه بالغ في المروءة كما ذكر ذلك في غرر الحكم وذكر فيه ايضاً قوله عليه السلام "لاتكتمل المكارم الا بالعفاف والايثار" وهذا ما جسده عليه السلام في مسيرة حياته الشريفة اذ يذكر ابن ابي الحديد في شرح النهج انه روي عنه عليه السلام انه كان يستقي بيده لنخل قوم في المدينة حتى مجلت يده ويتصدق بالاجرة ويشد على بطنه حجراً وبهذه الاخلاق السامية عود عليه السلام اهله وفي هذا السياق يذكر الطوسي في اماليه مسنداً عن ابي هريرة قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه واله وسلم فشكى اليه الجوع فبعث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الى بيوت ازواجه فقلن ما عندنا الا الماء فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من لهذا الرجل الليلة؟ فقال علي ابن ابي طالب عليه السلام انا له يارسول الله فاتى فاطمة عليها السلام وقال لها ما عندك يابنت رسول الله؟ فقالت سلام الله عليها ماعندنا الا قوت الصبية، نؤثر ضيفنا فقال علي عليه السلام يابنة محمد نومي الصبية واطفئي المصباح ففعلت عليها السلام ذلك واعطوا طعامهم للرجل فلما اصبح علي عليه السلام غدا على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اخبره الخبر فلم يبرح حتى انزل الله عزوجل "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " وهكذا كان علي عليه السلام يقول الايثار افضل عبادة واجل سيادة، كل ذلك لالأجل شيء الا لكسب رضى الله تعالى.
وقفنا اعزائنا الكرام على شذرة من خلق امير المؤمنين الامام علي عليه السلام، نسأل الله تعالى ان يوفق الجميع للسير على هذا النهج السامي ودمتم في رعاية الله.