بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، واهلاً بكم في حلقة اخرى من الاخلاق العلوية نرجوا شاكرين ان تبقوا معنا، نعود بعد لحظات.
اعزاءنا الكرام، من اخلاق اميرالمؤمنين (عليه السلام)، هداية الرعية وتنوير عقولهم في مختلف المسائل التي يصعب على الناس درك حقائقها. في هذا اللقاء نقف على رواية الحسن البصري، حيث نستشفّ منها العدل ونفي الجبر، واثبات الحكمة في أفعال الله تعالى، يحاول أمير المؤمنين (عليه السلام) تنويرها للناس.
جاء في كتاب التوحيد، وفي عيون اخبار الرضا (عليه السلام) والفصول المختارة، ما روي عن الحسن البصري قال: جاء رجل الى اميرالمؤمنين (عليه السلام) بعد انصرافه من حرب صفين فقال له: يا أميرالمؤمنين، خبرّنا عمّا كان بيننا وبين هؤلاء القوم من الحرب، أكان ذلك بقضاء من الله تعالى وقدر؟
فقال له اميرالمؤمنين (عليه السلام): "ما علوتم تلعة ولا هبطتم وادياً، الا ولله فيه قضاء وقدر" .
فقال الرجل: فعند الله أحتسب عنائي يا اميرالمؤمنين.
فقال (ع) له: "ولم؟" .
قال: اذا كان القضاء والقدر ساقانا الى العمل، فما وجه الثواب لنا على الطاعة؟ وما وجه العقاب لنا على المعصية؟
فقال له اميرالمؤمنين (عليه السلام): "أو ظننت يا رجل أنه قضاءٌ حتم، وقدر لازم، لا تظن ذلك فإن القول به مقال عبدة الاوثان، وحزب الشيطان، وخصماء الرحمن، وقدريّة هذه الامة ومجوسها، ان الله جل جلاله أمر تخييرا، ونهى تحذيرا، وكلّف يسيرا، ولم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا، ولم يخلق السماء والارض وما بينهما باطلاً " ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ " (سورة ص۲۷)" فقال له الرجل: فما القضاء والقدر الذي ذكرته يا أمير المؤمنين؟ قال: "الامر بالطاعة، والنهي عن المعصية، والتمكين من فعل الحسنة وترك السيئة، والمعونة على القربة إليه، والخذلان لمن عصاه، والوعد والوعيد والترغيب والترهيب، كلّ ذلك قضاء الله في أفعالنا وقدره لأعمالنا، فأمّا غير ذلك فلا تظنّه، فإنّ الظنّ له محبط للاعمال" فقال الرجل: فرّجت عني يا أميرالمؤمنين فرّج الله عنك، وأنشأ يقول:
أنت الإمام الذي نرجوا بطاعته
يوم المآب من الرحمن غفرانا
أوضحت من ديننا ما كان ملتبساً
جزاك ربّك بالإحسان إحسانا
اعزاءنا الكرام، هكذا كان اميرالمؤمنين، وهو يهدي الأمة ويوضح للناس حقائق العدل ويثبت لهم الحكمة في افعال الله تعالى، وأخيراً نشكر لكم حسن الإصغاء لبرنامج من الاخلاق العلوية قدّمناه لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، وحتى لقاء آخر نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم.