بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآله الاطهار، السلام عليكم اعزاءنا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، تحية طيبة لكم وانتم تستمعون الى لقاء آخر من الاخلاق العلوية، نقف فيها على توضيح الامام علي لامته وسعيه لتنوير العقول الى وجوب معرفة التوحيد ونفي التشبيه عن الله تعالى ووصفه لعدله وصنوف الحكمة والدلائل والحجج، نرجوا شاكرين ان تبقوا معنا.
مستمعينا الكرام، سعى الامام اميرالمؤمنين (ع) ان يوضح للناس جميع المبهمات وما يصعب عليهم معرفته من خلال سعة صدره في ارشاد الامة ضمن خطبة او اجابة عن اسئلتهم.
وهنا نقف على رواية مرفوعة عن ابي عبدالله الصادق عليه السلام قال: بينا اميرالمؤمنين (ع) يخطب على منبر الكوفة اذ قام اليه رجل يقال له ذعلب ذو لسان بليغ في الخطب فقال: يا أميرالمؤمنين هل رأيت ربك؟
فقال الامام (ع): " ويلك يا ذعلب، ما كنت أعبد ربّاً لم أره" .
فقال: يا أميرالمؤمنين، كيف رأيته.
قال: "ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الابصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، ان ربي لطيف اللّطافة، ولا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كل شيء لا يقال شيء قبله، وبعد كل شيء لا يقال له بعد، شاء الاشياء لا بهمّة، درّاكٌ لا بخديعة، في الاشياء كلها غير متمازج بها ولا بائن منها، ظاهرٌ لا بتأويل المباشرة، متجلّ لا باستهلال رؤية، ناء لا بمسافة، قريبٌ لا بمداناة، لطيف لا بتجسّم، موجود لا بعد عدم، فاعلٌ لا باضطرار، مقدّرٌ لا بحركة، مريد لا بهمامة، سميعٌ لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تحويه الاماكن، ولا تضمنه الاوقات ولا تحده الصفات، ولا تأخذه السنات، سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده، والابتداء ازله، بتشعيره المشاعر عرف ان لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عرف ان لا جوهر له، وبمضادّته بين الاشياء عرف ان لا ضدّ له، وبمقارنته بين الاشياء عرف ان لا قرين له، ضادّ النور بالظلمة، واليبس بالبلل، والخشن بالليّن، والصرد بالحرور، مؤلف بين متعادياتها، ومفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها، وبتأليفها على مؤلفها، وذلك قوله تعالى "وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (سورة الذاريات٤۹) ففرّق بين قبل وبعد، ليعلم ان لا قبل له ولا بعد له" .
فأسكت بجوابه هذا السائل.
وهكذا وضع هذه الحقائق الالهية الامام المجتمع ليبيّن لهم كيف يرى الله سبحانه لا بالابصار بل بهذه الحقائق التي هدى الناس اليها.
اعزاءنا الكرام الى هنا نأتي الى نهاية هذه الحلقة من الاخلاق العلوية، شكرا لكم والسلام عليكم.