بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، نرحب بحضراتكم اطيب ترحيب في هذا اللقاء ونحن نقف على بعض من اخلاق امير المؤمنين علي (عليه السلام)، نرجوا أن تبقوا معنا.
مستمعينا الكرام، موضوع هذا اللقاء : الاخلاق العلوية ومزايا الفروسية، الفروسية كما لا يخفى، غير الشجاعة، وهي ابعد من الشجاعة، وبشكل مختصر تكتفي الشجاعة بالمبادرة والتغلّب، إلا ان الفروسية اضافة الى ما تتضمنه من شجاعة تجتمع فيها صفاتٌ اخلاقية، كالتعفف والحلم والعطف والتضحية، وما شابه ذلك. وهذه من مكارم الاخلاق، وهي ان اجتمعت فقد اجتمعت في شخص الامام علي (عليه السلام)، وهذا ما شهد له التاريخ عند دراسة حياة الامام علي (عليه السلام).
وها نحن نحطّ الرحال عند مرفأ من تلك النماذج التي تجسّد الفروسية في الاخلاق العلوية، نذهب اليها بعد لحظات. تذكر كتب السير جلّها ما حدث في معركة صفين بين جيش معاوية وجيش علي (عليه السلام)، نأتي على مضامين الحادثة؟
كان معاوية في تلك المعركة في ما يزيد على مائة وعشرين الف مقاتل من اهل الشام يقطع الارض الى العراق، ونزلوا عند نهر الفرات في وادي صفين، سبقاً الى سهولة الارض وكثرة الشجر والعيون.
وقدم الامام عليٌ (عليه السلام) بجيشه من الكوفة وقصده تأديب معاوية بالحسنى إذا أمكن، وإلا بالسيف. ففيما ادرك صفين وجد فيلقاً من جند معاوية قد عسكروا الى جانب المياه، ليحولوا بينها وبين جيش علي. فبعث عليٌ (عليه السلام) الى معاوية بأنّ الذي جئنا له غير الماء، ولو سبقناك اليه لم نمنعك- كما ذكر ذلك الدينوري في الإمامة والسياسة، وغيره.
فأجاب معاوية، بأنّ هذا والله أول الظفر، لا سقاني الله من حوض رسول الله إن شربوا منه حتى يغلبوني عليه.
وقد بلغ الحال بعصابة معاوية ان واجهوا علياً بقولهم الصريح: ولا قطرة حتى تموت عطشا. كما جاء في شرح النهج.
ومن جانب آخر موقف الامام علي (عليه السلام) الذي تتجلّى فيه مكارم الاخلاق.
فالامام عليٌ ورغم كون جيشه غير متكافيء عدّة وعدداً مع جيش معاوية عسكرياً، ولكنّ جيشه تمكّن مستبسلاً من إجلائهم عن الماء ووضع سنابك خيله حول الماء.
وهنا شمت عمرو بن العاص بمعاوية- يقول ابن قتيبة- وقال عمرو بن العاص: ما ظنك إن منعك عليٌ الماء كما منعته انت، أتراك ضاربهم كما ضربوك؟ لكنّ علياً لا يستحلّ منك ما استحللت منه.
وأمّا من الجانب الآخر فقد حاول بعض اصحاب الامام علي إقناعه بأن يعامل معاوية وجيشه كما عاملوه فيمنعهم من الماء.
وهنا بيت القصيد، وتسمو الاخلاق العلوية مجسّدة الفروسية بمعناها النبيل في شخصية الامام علي (عليه السلام) ، فأبى عليٌ (عليه السلام) على أصحابه ونفسه هذه المحاولة، فأتاح لخصمه ورود الماء اسوة بأصحابه.
قالوا له: إمنعهم الماء يا أمير المؤمنين كما منعوك، ولا تسقهم منه قطرة، واقتلهم بسيوف العطش وخذهم قبضاً بالأيدي.
فقال (عليه السلام): "لا والله لا اكافئهم بمثل فعلهم، إفسحوا لهم عن الشريعة" .
نعم، ولو كان في جيش معاوية وشخصه قبسٌ من خلق كريم، لأدركوا بهذا الحادث حقيقة كلّ من معاوية وعلي، ولعرفوا لأية طائفة من الخلق ينتمي كلٌ من الرجلين.
مستمعينا الكرام وقفنا على قبس من الاخلاق العلوية متجسّدة في الفروسية، قدمناه لحضراتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران نشكركم على حسن التواصل، والسلام عليكم.